قوله [وقد كره بعض أهل العلم التفريق بين السبي مطلقًا] سواء كان بينهم قرابة أم لا وصغارًا كانوا أو كبارًا، وأنت تعلم ما فيه من الحرج ومخالفة فعله صلى الله عليه وسلم وما تعاملته الصحابة والتابعون أفلا تراهم كانوا يقتسمون على حسب انصبائهم السبي كالأموال وإنما غرهم عموم قوله صلى الله عليه وسلم المذكور من قبل قوله [رخص بعض أهل العلم بالتفريق بين المولدات إلخ] لما أنهم يستأنسون بصبيان المسلمين ورجالهم ونسائهم فلا يتضررون بمفارقة آبائهم وأمهاتهم وأقاربهم الأخر، قوله [إني قد استاذنتها] لعل الولد كان كبيرًا فلم يحتج إلى عدم التفريق لأجله لكونه قد استغنى عنها فكان له بيعه من غير رضاء الأم والولد شرعًا إلا أنه امتن على الأم وأراد أن لا يفرقهما لو كانت تستضر بذلك، فلما أذنت فرق بينهما بأذنها استحسانًا واحتياطًا، وإذنها دليل أيضًا على أنه كان كبيرًا إذ لولا ذلك لما أذنت، قوله [أن الخراج بالضمان] تفسيره مستغن عن البيان فإن العبد إذا دخل في ضمانه فلو هلك بعد ذلك هلك من ماله فهذا الغرم بذلك الغنم، قوله [من حديث هشام بن عروة] يعني أن الغرابة جاءت فيه من قبله واستغرب (١) محمد هذا الحديث بحجة أنه ظن أن عمر بن علي تفرد فيه وظنه هذا غير صحيح، لما أن مسلمًا وجريرًا يرويانه عن هشام ولو نقض في جرير لبقى الآخر سالمًا.
[باب ما جاء في الرخصة في أكل الثمار للمار بها]
هذا مبني على عرف الأنصار أنهم كانوا لا يمنعون عن ذلك فكل موطن يحكم فيه على عرف أهله والأنصار كانوا لا يمنعون أحدًا أكل الساقط والجائع عن أكل المعلق أيضًا، وكل ما قال المؤلف من الأقوال ههنا فهي مبنية على أن عرف بلدان قائليها كان كذلك وكل بلدة رخص أهلها في الساقط، والمعلق للجائع والشبعان كان الحكم الجواز هناك،
(١) قال الحافظ: في بلوغ المرام الحديث ضعفه البخاري وأبو داؤد وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم وابن القطان، انتهى.