للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون المراد هو الالتفات بعد انقضاء الكلام وتمامه، فالمعنى أعم من الأول، إذ المقصود على الأول إخفاءه إذ علم من حالة المتكلم إرادته، وعلى الثاني مطلقًا، وظاهر صنيع الترمذي هو الإطلاق، إذ لم يقيد الترجمة بإرادته، والغرض منه على أحد المعنيين إظهار أن الأمر بالإخفاء لا ينحصر في الصراحة، بل بها وبالدلالة، ثم إن الأمر بالإخفاء مقيد (١) بما إذا لم يكن فيه إضرار لأحد، فأما إن كان ذلك وجب إظهاره على من خاف ضرره.

[باب السخاء]

قوله [لا توكي] إنما أمرها (٢) بذلك لعلمه صلى الله عليه وسلم مجال زوجها أنه لا يمنعها قوله [والجاهل السخي] المراد به غير العابد (٣) سوى فرائضه، والمراد بالعابد في مقابلته العابد العالم لملازمة بينهما، فإن الجاهل المطلق لا تعتبر عبادته، وفيه إشارة إلى أن العلم الخالي عن العمل بمقتضاه كأنه ليس علمًا.

[باب في البخل]

قوله [خصلتان لا تجتمعان إلخ] فإن الذي اقتضاه الإيمان أن ينتفع به العباد والبلاد، ومن ليس فيه شيء من هاتين ليس ينتفع به عباد الله لا بماله لبخله ولا بنفسه لسوء خلقه، فلا ينبغي للمسلم أن يكون كذلك، والبخيل في الأحاديث الواردة ههنا من لا يؤدي حقوقه تعالى المالية.


(١) لما في الروايات من الإشارة إلى ذلك، منها ما في أبي داؤد وغيره من حديث جابر مرفوعًا: المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق.
(٢) وتقدم شيء من البسط في ذلك في باب نفقة المرأة من بيت زوجها في كتاب الزكاة.
(٣) يعني المراد بالجاهل السخي الذي لا يعبد غير الفرائض، أما الذي ترك الفرائض أيضًا لا يمكن أن يكون أحب إلى الله، وكذا علم من المقابلة أن المراد بالعابد العالم وعبره بالعابد للملازمة بينهما اعتبارًا فإن العلم بدون العمل على مقتضاه وبال، كما أن العبادة بدون العلم مجرد اتعاب للنفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>