للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في حرمة الصلاة]

قوله [ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير] إنما ذكر ذلك (١) دفعًا لما عسى أن يتوهم من أن المذكور من الصوم والصلاة وغيرها شيء يسير يفعله كل أحد، فلا يكون له وقع (٢) في القلب، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إنما سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله إلخ ليعلم أن ما ذكره ها هنا إنما هو شيء عظيم يكفي في كونه سبب الدخول في الجنة والخروج من النار، ثم اعلم أن المذكور في الوهلة (٣) الثانية إنما هو بيان النوافل إلا أنه يعلم به حال الفرائض بالطريق الأولى، فإن صدقة النفل لما كانت تطفئ غضب الرب، وصوم النفل كانت جنة من النيران والمعاصي والسيئات، فكيف بالفرائض منها.

قوله [ثم تلا {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} إلخ] هذه الآية ظاهرها أنها في التهجد (٤) وقيل: بل عنى (٥) صلاة الأوابين، فإن العرب سيما أصحاب العمل منهم كانوا


(١) حاصل كلام الشيخ أن النبي صلى الله عليه وسلم نبه على الأمور المذكورة من الصلاة والصوم وغيرهما أولاً بقوله: سألتني عن عظيم، ثم بقوله: ألا أدلك على أبواب الخير، والمراد بالأمور المعدودة بعد هذا هي النوافل كما يدل عليه السياق وعلم منها حال الفرائض بالطريق الأولى.
(٢) أصل الوقع المكان المرتفع في الجبل، والمراد ها هنا توهم أن الأمور المذكورة لعمومها لم تقع في قلبها بموقع عظيم.
(٣) قال المجد: لقية أول وهلة ويحرك واهلة أول شيء، انتهى. والمراد في كلام الشيخ من الوهلة الثانية ما ذكر في الرواية من قوله: ألا أدلك على أبواب الخير، والوهلة الأولى هي ما ذكره من قوله: لقد سألتني عن عظيم إلخ.
(٤) كما هو مقتضى حديث الباب، وأخرج السيوطي في الدر عدة آثار مؤيدة لذلك.
(٥) كما أخرجه السيوطي بطرق كثيرة عن أنس وغيره، ففي رواية عن أنس نزلت فينا معاشر الأنصار كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفي أخرى له قال: كانوا ينتظرون ما بين المغرب والعشاء يصلون، وفي أخرى له قال: كان قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الأولين يصلون المغرب، ويصلون بعدها إلى عشاء الآخرة فنزلت هذه الآية فيهم، وغير ذلك من الروايات الكثيرة عنه وعن غيره، منها عن ابن المنكدر وأبي حازم قالا: هي ما بين المغرب والعشاء صلاة الأوابين.

<<  <  ج: ص:  >  >>