للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهاجر في داره، فدفعه صلى الله عليه وسلم بأنه لا يخلف عن الهجرة، وإنما يخلف بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيجازى ويثاب عليه بفعله من الحسنات، والطاعات، وهذا رد لما كانوا يتوهمونه من أن طاعاتهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا تكاد تكافئ سيئاتهم كما صرح به عمر رضي الله عنه (١).

قوله [ولعلك أن تخلف إلخ] تصريح بما علم ضمنًا من بشرى حياته رضى الله عنه في قوله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تخلف بعدي. قوله [لكن البائس] أي الواقع في الضرر والشدة، وهو نقصان أجره بموته في مكة.

[باب في الحث على الوصية]

قوله [يبيت ليلتين] فمن قال (٢) بالمفهوم


(١) إذ قال لأبي موسى الأشعري: يا أبا موسى هل يسرك أن إسلامنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهجرتنا معه وجهادنا معه وعملنا كله معه يرد لنا وإن كل عمل عملنا بعده نجونا منه كفافًا رأسًا برأس فقال أبو موسى: والله لقد جاهدنا بعده صلى الله عليه وسلم وصلينا وصمنا وعملنا خيرًا كثيرًا، وأسلم على أيدينا بشر كثير وإنا لنرجو ذلك، قال عمر: لكني أنا والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك يرد لنا وأن كل شيء عملناه بعده نجونا منه كفافًا رسًا برأس، الحديث أخرجه البخاري وغيره.
(٢) لم أجد من رخص في ليلة من القائلين بالمفهوم وظاهر الإرشاد الرضي أن ذلك ليس مذهبًا لأحد، بل المعنى من ذهب إلى عبرة المفهوم ينبغي له أن يرخص الليلة، ثم قال الحافظ: قوله ليلتين كذا لأكثر الرواة ولأبي عوانة والبيهقي من طريق حماد يبيت ليلة أو ليلتين، ولمسلم والنسائي من طريق الزهري يبيت ثلاث ليال وكان ذكر الليلتين والثلاث لرفع الحرج لتزاحم أشغال المرأ التي يحتاج إلى ذكرها ففسح له هذا القدر ليتذكر ما يحتاج إليه، واختلاف الروايات فيه دال على أنه للتقريب لا التحديد، والمعنى لا يمضي عليه زمان وإن كان قليلاً إلا ووصيته مكتوبة عنده، وفيه إشاة إلى اغتفار الزمن اليسير، وكان الثلاث غاية للتأخير، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>