للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لا يبقى بعده أثر ظاهر على الجناية كالجزاء والتثريب، والصفح ما ليس بعده بقية أثر في قلب المجني عليه أيضًا، فالمراد بالعفو ما هو ظاهر التجاوز من عدم المكافاة وترك التعرض باللوم والشكوى، والصفح العفو بحيث لا يبقى منه أثر في داخله، فيكون القلب بعده خاليًا عنه بالكلية كأن المذنب لم يذنب ما كان أذنب فيه.

[باب ما جاء في الحسن (١) العهد] قوله [وما بي أن أكون أدركتها] أي ليس بي إدراك فضائلها (٢) إلا أن البشرية كانت تحملني على الغيرة لكثرة مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم عهدها، أو المعنى (٣) أني غرت عليها، وليس ذلك لأني أدركتها


(١) وبوب البخاري في صحيحه ((باب حسن العهد من الإيمان))، قال أبو عبيد: العهد ههنا رعاية الحرمة، وقال عياض: هو الاحتفاظ بالشيء والملازمة له، وقال الراغب: حفظ الشيء ومراعاته حالاً بعد حال، وعهد الله تارة يكون بما ركزه في العقل، وتارة بما جاءت به الرسل، وتارة بما يلتزمه المكلف ابتداء كالنذر ومنه قوله تعالى {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} وأما لفظ العهد فيطلق بالاشتراك بإزاء معان آخر منها الزمان والمكان، واليمين والذمة، والميثاق والإيمان، والوصية وغير ذلك، كما في الفتح.
(٢) واختلفوا في تفضيل عائشة وخديجة وفاطمة، وأفاد في الإرشاد الرضى أن التحقيق أن فاطمة رضي الله عنها أفضل باعتبار الجزية والزهد، وخديجة باعتبار النصرة والسبقة في الإسلام، وعائشة باعتبار التفقه في الدين حتى يستفيد منها الصحابة رضي الله عنهم.
(٣) يؤيد هذا المعنى ما في رواية الصحيحين وغيرهما: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، هلكت قبل أن يتزوجني، قال الحافظ: أشارت بذلك إلى أنها لو كانت موجودة في زمانها لكانت غيرتها منه أشد، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>