للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان تطيبه لإجراء السنة لمن خلفه، وأيضًا فإن التعطر من سنة المرسلين فكان تطيبه تحصيلاً للموافقة بهم مع أن المفضول كثيرًا ما يتضمن بعض ما لا يكون في الأفضل من الفوائد والمنافع فكان التطيب بالمفضول مع التلبس بالأفضل تحصيلاً لتلك المنافع.

قوله [ولا صخابًا (١)] أي مع كونه يبيع ويشتري فكثيرًا ما يحتاج إلى الصخب ورفع الأصوات واختلاطها من ارتكب ذلك، وليس النفي واردًا على المبالغة حتى يلزم بقاء الصخب فيه فإن زنة فعال قد يكون لمجرد النسبة كخياط وقفال فالصخاب بمعنى من له صخب. قوله [ولكن يعفو ويصفح] فالعفو (٢)


(١) قال القاري: بالصاد المهملة المفتوحة والخاء المعجمة المشددة أي صياحًا، وقد جاء بالسين أيضًا، وفي النهاية: المقصود نفي الصخب لا نفي المبالغة، وقيل: المقصود من هذا الكلام مبالغة النفي لا نفي المبالغة، كما في قوله تعالى {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} وذكر الأسواق إنما هو لكونها محل ارتفاع الأصوات لا لإثبات الصخب في غيرها، أو لأنه إذا انتفى فيها انتفى في غيرها.
(٢) قال صاحب الجمل في قوله تعالى {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا}: العفو والصفح متقاربان، ففي المصباح عفا الله عنك أي محا ذنوبك، وعفوت عن الحق أسقطته، وصفحت عن الأمر أعرضت عنه وتركته، فعلى هذا يكون العطف في الآية للتأكيد وحسنه تغائر اللفظين، وقال بعضهم: العفو ترك العقوبة على الذنب والصفح ترك اللوم والعتاب عليه انتهى، وقال الراغب: الصفح ترك التثريب، وهو أبلغ من العفو، ولذلك قالوا فاعفوا واصفحوا، وقد يعفوا الإنسان ولا يصفح انتهى، قلت: وهذا الإطلاق يوافق ما اختاره الشيخ، وقال القارئ في شرح الشمائل: لكن يعفو أي بباطنه ويصفح أي يعرض بظاهره والصفح في الأصل الإعراض بصفحة الوجه، والمراد ههنا عدم المقابلة بذكره وظهور أثره ووجه الاستدراك أن ما قبل لكن ربما يوهم أنه ترك الجزاء عجزًا أو مع بقاء الغضب فاستدركه بذلك، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>