(٢) قال صاحب الجمل في قوله تعالى {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا}: العفو والصفح متقاربان، ففي المصباح عفا الله عنك أي محا ذنوبك، وعفوت عن الحق أسقطته، وصفحت عن الأمر أعرضت عنه وتركته، فعلى هذا يكون العطف في الآية للتأكيد وحسنه تغائر اللفظين، وقال بعضهم: العفو ترك العقوبة على الذنب والصفح ترك اللوم والعتاب عليه انتهى، وقال الراغب: الصفح ترك التثريب، وهو أبلغ من العفو، ولذلك قالوا فاعفوا واصفحوا، وقد يعفوا الإنسان ولا يصفح انتهى، قلت: وهذا الإطلاق يوافق ما اختاره الشيخ، وقال القارئ في شرح الشمائل: لكن يعفو أي بباطنه ويصفح أي يعرض بظاهره والصفح في الأصل الإعراض بصفحة الوجه، والمراد ههنا عدم المقابلة بذكره وظهور أثره ووجه الاستدراك أن ما قبل لكن ربما يوهم أنه ترك الجزاء عجزًا أو مع بقاء الغضب فاستدركه بذلك، انتهى.