للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة بما سبقه من الركعات مع أن معاذًا لم يكن بمكة حرسها الله تعالى.

[باب ما جاء في الصلاة في النعال]

.

قوله [قلت لأنس بن مالك أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه قال نعم] كان السائل رأى أنس بن مالك يصلي في نعليه فاستبعد ذلك لعدم العرف مع قوله تعالى {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} الآية فإن ظاهرة الآية يقتضي أن لا يدخل المسجد بنعليه فأجاب عن ذلك أنس بن مالك بقوله نعم أي صلى الله عليه وسلم، والقصة مشهورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه يومًا فألقى نعليه فألقوا نعالهم فلما قضى سألهم في إلقائهم نعالهم فقالوا رأيناك فعلت هذا إلى آخر ما قال وهذا يفيد فائديتن: الأولى أن الصلاة في النعال لم تكن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم بل الجماعة خلفه كانت متنعلة والثانية أن إلقاء النعل إنما كان لأجل النجاسة عند الشافعي (١) والقذرة التي تتنفر عنها الطبيعة عندنا فلا ضير (٢) في الصلاة في النعال إذا كانت طاهرة لأنها كالملبوسات الأخر


(١) أي في قوله القديم وجديده كالجمهور أن النجس يفسد وإن لم يعلم به حتى الفراغ فيجب الإعادة أو علم به في وسط الصلاة فلا يصح البناء كما في ابن رسلان وشرح الإقناع وغيرهما.
(٢) ففي الدرالمختار: وينبغي لداخله تعاهد نعله وخفه وصلاته فيهما أفضل قال ابن عابدين: قوله وصلاته فيهما أي في الخف والنعل الطاهرين أفضل مخالفة لليهود وتاتارخانية لكن إذا خشى تلويث فرش المسجد بها ينبغي عدمه وإن كانت طاهرة، وأما المسجد النبوي فقد كان مفروشًا بالحصى في زمنه صلى الله عليه وسلم بخلافه في زماننا ولعل ذلك محمل ما في عمدة المفتي من أن دخول المسجد منتعلاً من سوء الأدب قال الشيخ في البذل: بعد قوله صلى الله عليه وسلم خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم، دل الحديث على أن الصلاة في النعال كانت مأمورة لمخالفة اليهود وأما في زماننا فينبغي أن تكون الصلاة مأمورة بها حافيًا لمخالفة النصارى فإنهم يصلون متنعلاً لا يخلعونها عن أرجلهم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>