مالك، ومعنى هذه المقولة يحتاج إلى إعادة، وحاصل ذلك أن مالكًا لم يرد بقوله هذا إنكار استحباب الكرات بل أراد بذلك عدم الإيجاب لشيء من المراتب ومعناه أن مالك بن أنس لم يرد أن غرض النبي صلى الله عليه وسلم هو الإنقاء فحسب وليس التوقيت مقصودًا له أصلاً لا وجوبًا ولا استحبابًا بل أراد مالك أن غرضه صلى الله عليه وسلم تحصيل الإنقاء وجوبًا وتحصيل المرات استحبابًا ويمكن أن يكون معنى قول الشافعي هذا أن مالكًا لا يظن ولا يعتقد أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا هو إيجاب الخمس أو الثلاث بل يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب نفس الإنقاء ولم يوقت ذلك بشيء، وعلى هذا فقوله لم يوقت لا يكون داخلاً تحت لا يرى بل يكون بيانًا للذي اعتقده بعد نفي ما لم يعتقده وكذلك يمكن أن يكون هذا بيانًا لمذهب الشافعي ورده المؤلف بعد إيراد قول مالك وبعد إيراد تفسير الشافعي بمقايسته.
[باب المسك للميت]
قوله [سئل عن المسك فقال هو أطيب طيبكم] ووجه المسألة كونه دمًا في الحقيقة، وحاصل الجواب أنه لم يبق دمًا لانقلاب الماهية وصار طيبًا ولما أدخله في الطيب جاز استعماله حيثما يستعمل الطيب فساغ أن يطيب بالمسك الأموات والأحياء وبذلك تحصل المناسبة بين الترجمة والحديث، قوله [وقد رواه المستمر بن الريان أيضًا] أي كما رواه خليد بن جعفر.
[باب الغسل من غسل الميت]
قوله [وأما الوضوء فأقل ما قيل فيه] هذا ليس جزمًا بالوجوب فافترق مذهبه ومذهب إسحاق وأمر الغسل لحمل الجنازة استحباب (١) وإنما أمروا بالوضوء ليكونوا مستعدين للصلاة أينما قصدوا وإلا
(١) أي عند الجمهور منهم الأئمة الثلاثة في المرجح عنهم وكذلك الحنفية خروجًا عن الخلاف، وفيه قولان آخران بسطهما في الأوجز الوجوب كما حكى عن مالك، وقول قديم للشافعي، وقول الخطابي، لا أعلم من قال بوجوبه ذهول، وعدمهما أي الوجوب والاستحباب معًا كما عزاه صاحب التعليق الممجد إلى الجمهور وحكاه الترمذي عن ابن المبارك.