للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لترجعن عن ذلك، فإن قول السائل لمعط كريم إذا أراد أن يعطى أحدًا لا تعطه بل اعطني وقاحة لا تخفى لا سيما عند العرب الذين هم فوارس ميدان السماحة والكرم وسابقو مضامير الأنعام بأصناف النعم، ثم قوله لتكفي ما في إنائها محتمل لمعنيين على حسب ما مر إذ السؤال إن كان بطلاق المنكوحة التي هي ضرة السائلة فالإكفاء للنصف الذي كان لها، وأما النصف فللسائلة من غير طلاق، وإن كانت السائلة مخطوبة بعد فالإكفاء لجميع ما كان في إناء المنكوحة فافهم وتشكر، ثم المراد به هو إكمال كما هو الظاهر ولا يبعد أن يكون كناية عن الوطى.

[باب ما جاء في طلاق المعتوه (١)] المراد بالمعتوه ههنا المجنون (٢) لا المعنى المشهور، وهو الذي ليس برشيد وليس له كثير تجربة وخيرة وبصيرة في الأمور، ثم إن الحكم يتناول النائم والمغمى عليه والمصروع حيث لا يقع طلاقهم وربما يتوهم أن لا فرق بين هؤلاء وبين السكران (٣) والجواب أن عوارض هؤلاء سماوية وسببه مكتسب منه ومع ذلك فهو معصية، والنوم وإن كان ظاهر الأمر أنه مكتسب واختياري إلا أن الأمر عند التأمل يظهر بخلافه،


(١) قال في النهاية: هو المجنون المصاب عقله، وقيل: المراد بالمغلوب السكران قاله أبو الطيب.
(٢) ولا يقع طلاق المجنون إجماعًا، حكى الإجماع عليه العيني وغيره.
(٣) قال الحافظ: ذهب إلى عدم وقوع طلاق السكران، عطاء وطاؤس وعمر بن عبد العزيز، وبه قال ربيعة والليث وإسحاق والمزني، واختاره الطحاوي، واحتج بأنهم أجمعوا على أن طلاق المعتوه لا يقع، قال: والسكران معتوه بسكره، وقال: بوقوع الطلاق طائفة من التابعين كالزهري والحسن، وبه قال الأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة، وعن الشافعي قولان المصحح منهما وقوعه، والخلاف عند الحنابلة، لكن الترجيح بالعكس، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>