منعتنا أن نأخذ مال الغير بغير حق، وهو المعنى بقولهم ولا نحن نأخذ منهم وأما الثالث فلأنهم لا يضيفونا.
[باب في الهجرة]
قوله [لا هجرة بعد الفتح] يعني بذلك أن الهجرة من مكة لم تبق على ما كانت عليه من قبل حيث لم يكن الإيمان يقبل دونها باعتبار الأحكام الظاهرة، وأما الهجرة من غير مكة من مواضع الكفرة فلم تنسخ. بل هي باقية على اختلاف في وجوبها واستحبابها حسب اختلاف ما في تلك الدار من الأمور الموجبة لها، [ولكن جهاد ونية] أي ولكن بقى الخروج من مكة لأجل الجهاد وكذلك بقيت فيه نية الخير من طلب العلم وغيره ليثاب عليهما.
[باب في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم]
قوله [على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت] وكان ذلك في الحديبية حين أخبر (١) أنهم قتلوا عثمان، وحاصل اللفظين الواردين في ذلك واحد وهو أنهم بايعوه أن لا يفروا ولو ماتوا وقتلوا فمن نفى عنهم البيعة على الموت كان غرضه الرد على من زعم أنهم بايعوا على الموت مقصودًا وليس كذلك إذ لو كان كذلك لكانوا ناكثين بيعتهم لأنهم لم يموتوا وهو خلاف مجمع
(١) وذلك لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان إلى أشراف قريش في غزوة الحديبية يخبرهم أنه صلى الله عليه وسلم لم يأت لحرب وإنما جاء زائرًا للبيت معظمًا لحرمته، فخرج عثمان حتى دخل مكة وأتى أشراف قريش وبلغهم رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاقدوه، ولما فرغ وأراد أن يرجع قالوا إن شئت أن تطوف بالبيت فطف، قال ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضبت قريش وحبسته عندها، ولما أبطأ عثمان قال المسلمون طوبى لعثمان دخل مكة وسيطوف وحده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ليطوف وحده، ولما احتبس عثمان طارت الأراجيف بأن عثمان قتل، قيل إن الشيطان دخل جيش المسلمين ونادى بأعلى صوته، ألا إن أهل مكة قتلوا عثمان، فحزن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من سماع هذا الخبر حزنًا شديدًا فبايعهم، كذا في الخميس.