للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على خلافه، ومن أثبت منهم بيعته على الموت كان غرضه أنهم بايعوه على القتال وعدم الفرار، ولو ماتوا أو قتلوا فالفرق إنما هو في أداء العبارة وتعبير المقصود وإلا فمدعاهما واحد، وأما ما قال المؤلف في توجيه الجمع، من أنهم كانوا فريقين فجمع منهم بايعوا على الموت، وجمع آخر على عدم الفرار، إن كان غرضه التفريق بين معنى العبارتين وجعلهما فريقين حقيقة، فظاهر أن الأمر ليس كذلك لأن البيعة التي أخذها النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي واحدة لا غير، وإن كان غرضه نقل الكلامين الذين تلفظ بكل (١) منهما بعض منهم والبعض الآخر بالآخر وإنما عنى كل واحد منهم معنى واحدًا وهو عدم الفرار إلى أن يموتوا فهو معنى صحيح كما بينا من قبل.


(١) هكذا في الأصل، والصواب عندي بدلها بواحد منهما، وحاصل ما أفاده الشيخ أن المصنف إن أراد بالتوجيه تفريق معنى الكلامين وجعل أهل بيعة الرضوان فرقتين حقيقة بأن صنفًا منهما بايع على هذا وصنفًا على هذا فليس بصحيح لأن أحدًا من أهل السير والحديث لم يجعلهم طائفتين بل الصحابة أنكروا البيعة على الموت، ولو وقعت بيعة جماعة منهم على الموت حقيقة لأخبروه، وإن أراد التفريق في مجرد التعبير والمؤدي واحد بأنه عبر بعضهم بهذا اللفظ والآخرون باللفظ الآخر وكلاهما أرادا أن لا يفرا فهو صحيح، وبوب البخاري في صحيحه باب البيعة في الحرب على أن لا يفروا وقال بعضهم على الموت، قال الحافظ كأنه أشار إلى أن لا تنافي بين الروايتين لاحتمال أن يكون ذلك في مقامين أو أحدهما يستلزم الآخر انتهى، وتعقب العيني الأول. وقال بل المراد بالمبايعة على الموت أن لا يفروا ولو ماتوا وليس المراد أن يقطع الموت ولا بد انتهى، وبذلك جزم جمع من الشراح وعلم هذا فإنكار من أنكر من الصحابة البيعة على الموت إنكار على ظاهر معناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>