للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ما جاء أن للنار نفسين إلخ] إما أن يراد (١) بالنفسين إدخالها وإخراجها، فإخراجها حرها منها نفس، ثم إدخالها وتنفسها داخلاً نفس، أو يقال: كما أن من العذاب ما هو نار وحرارة، فكذلك منه ما هو زمهرير وبرد، فنفس منها للحرارة ونفس للبرودة، فكما يعذب الكافرون بالنار فكذلك يعذبون بالزمهرير، وكما أن النار اشتكت حرها فكذلك الزمهرير اشتكى بردها، فأذن لهما في نفس نفس، ثم يشكل بعد ذلك شدة الحرارة والبرودة في بعض البلاد دون بعض مع أن نسبة جهنم إلى البلاد بأسهرا متساوية، والجواب أنه تبارك وتعالى جعل الشمس وسيلة في إخراج حرارتها كما يتراءى في حماماتنا أيضًا، فإن مخرج النار لا يكون إلا واحدًا مع أن النار متصرفة بالتسخين في المكان بالتمام، فكذلك ثمة لما جعل الشمس مخرج حرارتها كان المدار في كثرة الحرارة والقر وقلتهما هو القرب من الشمس والبعد منها، فتأمل.

قوله [ذرة] بفتح الذال وتشديد ما بعدها صغار النمل، وما نذر يبدو (٢)


(١) اختلف في أن المراد بالنفس حقيقة أو مجاز عن غليانها كما جزم به البيضاوي، ورجح الأول ابن عبد البر وعياض والقرطبي والنووي وابن المنير والتوربشتي، هكذا في الأوجز، وبه جزم الحافظان ابن حجر والعيني وغيرهما من المحققين، والحديث أخرجه الشيخان والترمذي ومالك وغيرهم، وبسط شراحهم في شرح الحديث ومع ذلك سكتوا عن الفوائد التي أفادها الشيخ رحمه الله رحمة واسعة فلله دره، وحاصل ما أفاده أن التثنية إما باعتبار إدخال النفس وإخراجها عدهما نفسين، فالأول يوجب البرودة، والثاني يورث الحرارة، أو التثنية باعتبار الطبقتين فتنفس طبقة الحرارة وكذا الزمهرير يوجب مقتضاهما.
(٢) هكذا في المنقول عنه، ويحتمل أن يكون ما نزر أي قل والنزر القليل من كل شيء، أو ما يذر والذر تفريق الحب والملح ونحوه، ويحتمل غيرهما وأيًا ما كان فالمراد الشيء القليل الذي يبدو في شعاع الشمس يعني الهباة التي ترى طائرة في الشعاع الداخل من الكرة، وجينه نوع من الحبوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>