للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرادة في الحديث وإحدى طرقها. قوله [ولا يأكل طعامك إلا تقي] أي طعام المودة والمحبة (١).

[باب في الصبر على البلاء]

قوله [يبتلى الرجل على حسب دينه [أي أكثر ما يكون يكون كذلك (٢)، وكثيرًا ما يقع خلافه.


(١) وبذلك جزم جمع من الشراح، قال الخطابي: هذا إنما جاء في طعام الدعوة دون طعام الحاجة، لقوله تعالى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} ومعلوم أن إسراءهم كانوا كفارًا غير مؤمنين، وإنما حذر من مخالطته ومواكلته لأن المطاعم توقع الألفة والمودة في القلوب، كذا في المرقاة، قلت: وقد ثبت دعوته صلى الله عليه وسلم للكفار مرارًا، وروى عنه صلى الله عليه وسلم: الخلق عيال الله، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله، كذا في المشكاة برواية البيهقي، وقد قبل من تصدق على سارق وزانية، وغفرت لامرأة مومسة بسقي كلب، وقيل: يا رسول الله! إن لما في البهائم أجرًا؟ قال: في كل ذات كبد رطبة أجر، وغير ذلك من الروايات الكثيرة في الباب، فالوجه ما أفاده الشيخ.
(٢) ففي المشكاة برواية البخاري عن أبي هريرة مرفوعًا: من يرد الله به خيرًا يصب منه، وقد ورد عند المصنف أيضًا عدة روايات صريحة في ذلك، وما أفاده الشيخ من قوله: وكثيرًا ما يقع خلافه يرشد إليه قوله عز اسمه {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} الآية، وما ورد في الروايات من انتقام الرب عز اسمه بالقحط وغيره إذا انتهكت محارمه، وما ورد في الزلازل وغيرها، ثم ذكر في الإرشاد الرضى أنه يشكل أن بعض الأنبياء السابقين كنوح عليه السلام أو ذي أكثر منه صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى، والجواب أن عظم البلاء قد يكون باعتبار الكمية، وقد يكون باعتبار الكيفية، فالنبي صلى الله عليه وسلم للطافة شأنه يشتد عليه ما لا يشتد على غيره، انتهى قلت: والحلم والعفو مع القدرة أشد ولا يوازيه شيء، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سأله ملك الجبال في الطائف أن يطبق عليهم الأخشبين قال: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده.

<<  <  ج: ص:  >  >>