للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعده حسنة لينجبر بذلك ما تطرق إلى باطنه من خبث بارتكاب هذا الإثم، والتوبة وإن كانت ماحية للذنب ولكنها لا تفيد هذا النور والسرور الزائل عنه بشؤم الذنب، ولعل ذنبه يكون من قطعية رحم فناسب أن يبدل موضعه ما يكون صلة، ولا يذهب عليك أن الذنب كان من حقوقه تعالى وسبحانه لا من حقوق العباد فلا يحتاج في اغتفاره إلى شيء سوى التوبة وقد حصلت مع أنه لو كان من حقوق العباد لم يكن السبيل إلى اغتفاره غير عفو صاحب الحق غير أن حقيقة الرحم وغيرهما مما هو متعلق بالعباد لا تخلو عن معصيته تعالى فاحتيج لرفع هذا الإثم إلى التوبة وبقى بر الخالة مجرد فضل.

قوله [دعوة المظلوم إلخ] فأما إجابة دعوة المظلوم فظاهرة حيث يدعو من حاق قلبه، وأما المسافر فلما له من انكسار لاحق بالبعد عن الأهل والوطن فلا يكون رجاءه إلا إلى الله تعالى خالصًا، وأما الوالد فلأنه لا يقدم على الدعاء بضرر الولد إلا إذا بلغ (١) منه الجهد غايته فيكون مجابًا لا محالة، وبذلك تبين أن المراد في الرواية دعوة الوالد على ضرر الولد وإن كانت دعوته له أيضًا مجابة إلا أنها ليست بتلك المثابة، ثم المراد بالمسافر النازح عن الأوطان وإن لم يكن قدر السفر الشرعي، قوله [لا يجزئ ولد والدًا إلخ] هذا الجزاء إنما هو جزاء إخراجه عن الليس إلا الأيس (٢) فحسب، وبعد ذلك حقوق آخر من تربيته وإلباسه وإطعامه مدة صغره.

[باب في قطعية الرحم]

قوله [وأوصلهم إلخ] وكان ابن عوف من نبي زهرة وأبو الدرداء جرهم أنصاري ولعلهما يجتمعان في جد من الأجداد البعيدة


(١) ليس في المنقول عنه حرف الاستثناء والظاهر سقوطه من الناسخ فزدته.
(٢) من الألفاظ الاصطلاحية للمناطقة بمعنى الوجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>