(٢) قال العيني: بعمومه يتناول الانتفاع في كل داء غير الموت، وأوله الموفق البغدادي بأكبر الأدواء وعدد جملة من منافعها، وكذا قال الخطابي: هو من العموم الذي أريد به الخصوص، وليس يجتمع في شيء من النبات جميع الفتوى التي تقابل الطبائع كلها في معالجة الأدوية، وإنما أراد شفاء كل داء يحدث من الرطوبة والبلغم لأنه حار يابس، وقال الكرماني: يحتمل إرادة العموم منه بأن يكون شفاء للكل لكن بشرط تركيبه مع الغير ولا محذور فيه بل تجب إرادة العموم لأن جواز الاستثناء معيار وقوع العموم فهو أمر ممكن، وقد أخبر الصادق عنه، واللفظ عام بدليل الاستثناء فيجب القول به، وقال ابن العربي العسل عند الأطباء أقرب أن يكون دواء لكل داء من الحبة السوداء، ومع ذلك فإن من الأمراض ما لو شرب صاحبه العسل لتأذى به، وإذا كان المراد بقوله تعالى في العسل فيه شفاء للناس الأكثر الأغلب فحمل الحبة السوداء على ذلك أولى، وقال غيره كان صلى الله عليه وسلم يصف الدواء بحسب ما يشاهده من حال المريض فلعل قوله في الحبة السوداء وافق مرض من مزاجه بارد فيكون معنى قوله شفاء من كل داء أي من هذا الجنس الذي وقع فيه القول، والتخصيص بالحيثية كثير شائع، وقال ابن أبي حمزة: تكلم الناس في هذا الحديث، وخصصوًا عمومه وردوه إلى قول أهل الطيب والتجربة، ولا خفاء بغلط قائل ذلك لأنا إذا صدقنا أهل الطب، ومدار علمهم غالبًا إنما هو على التجربة التي بناؤها على ظن غالب فتصديق من لا ينطق بالهوى أولى بالقبول من كلامهم، وقال صاحب المحيط الأعظم: المراد الأمراض الباردة فالعموم نوعي وأكثر أمراض العرب باردة لأن أكثر غذائها اللبنيات الحامضة ونحوها، انتهى.