قوله [في عماء] فقيل (١): معناه السحاب، وقيل: بل هو العالي عن أن يدركه العقول وتصل إليه الإفهام، وأيا ما كان فقيه إشارة إلى عدم السؤال عنه لكونه غير معقول الكيفية، أما على الأول فلأنه كان سأل عن مقامه تبارك وتعالى قبل كل شئ من مخلوقه، فإن إضافة الخلق إلى الضمير أفادت الجنسية، فلزم الاستغراق، فكان منشأ سؤاله أن الرحمن استوي على العرش فأين كان قبل أن يخلقه؟ فأجيب بأنه كان في شبه غمامة بيضاء، ثم بقى بعد ذلك أنه هل كان هذه الغمامة حادثة أو قديمة؟ لا سبيل إلى الأول
(١) قال في المجمع: العماء بالفتح والمد السحاب، وروى عمى بالقصر بمعنى ليس معه شئ، وقيل: هو كل أمر لا يدركه عقولنا، انتهى. وفي الحاشية عن أبي عبيدة: لا ندرى كيف كان ذلك العماء، وعن الأزهري: نحن نؤمن به، ولا نكيفه بصفة، انتهى. وأجمل شيخ مشائخنا الشاه ولى الله الدهلوي الكلام على معناه في الدر الثمين وبسطه في فيوض الحرمين والحديث يتعلق بقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} الآية.