للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أبواب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم]

قوله [مغبون (١) فيهما كثير من الناس] حيث لم يجهدوا في الفراغ والصحة


(١) قال العيني: مشتق إما من الغبن بسكون الباء وهو النقص في البيع، وإما من الغبن بفتح الباء وهو النقص في الرأي، فكأنه قال: هذان الأمران إذا لم يستعملا فيما ينبغي فقد غبن صاحبهما فيهما، أي باعهما ببخس أو ليس له رأي في ذلك البتة، وقال الحافظ قال ابن الجوزي: قد يكون الإنسان صحيحًا ولا يكون متفرغًا لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيًا ولا يكون صحيحًا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المبغون، لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقم ولو لم يكن إلا الهرم، وقال الطيبي: ضرب النبي صلى الله عليه وسلم للمكلف مثلاً بالتاجر الذي له رأس مال فهو يبتغي الربح مع سلامة رأس المال، فطريقه في ذلك أن يتحرى فيمن يعامله لئلا يغبن، فالصحة والفراغ رأس المال، وينبغي له أن يعامل الله بالإيمان ومجاهدة النفس ليربح خيري الدنيا والآخرة، وقريب منه قوله تعالى {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠)} الآيات، انتهى وقال القارئ: قوله الصحة والفراغ، أي صحة البدن وفراغ الخاطر بحصول الأمن ووصول كفاية الأمنية، والمعنى لا يعرف قدر هاتين النعمتين كثير من الناس حيث لا يكسبون فيما من الأعمال كفاية ما يحتاجون إليه في معادهم، فيندمون على تضييع أعمارهم عند زوالها ولا ينفعهم الندم، قال تعالى {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} انتهى. ثم ما ذكر المصنف من الاختلاف في رفعه ووقفه ذكره الحافظ بنوع من التفصيل، فارجع إليه لو شئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>