للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ومن سورة الأنعام]

.

قوله [ولكن نكذب ما جئت به] فان الذي يخبرك يكذب وأنت صادق. قوله [هاتان أهون] أي من اللتين قبلهما وإن كانتا شديدتين في نفسهما، ثم إنهما لما كانتا ملازمتين باعتبار الظاهر والواقع عدهما واحدة أيضاً في بعض الروايات (١) ولما كانتا ثتين حقيقة يمكن وقوع كل منهما بدون الأخرى عدهما في هذه الرواية خلتين (٢) على حدتين. قوله [ليس ذلك إنما هو الشرك] يعني أن لفظ الظلم وإن كان يطلق على المعنيين وأمكن تنوينه أن يكون للتنكير فيشمل كل ذنب، وأن يكون التعظيم فلا يراه به إلا الشرك، إلا أن لفظ اللبس وهو الخلط خصصهما (٣) بالثانيين فإن الخلط لا يكون إلا بين عظيم وعظيم، وأما الحقير (٤) والعظيم فإنما يتلاشى الحقير ولا يبقى له أثر، قلت: والقرينة


(١) فقد ورد في روايات عديدة بألفاظ مختلفة: سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعنى ثالثاً: سألته ألا يهلك أمى بالغرق فأعطانيها، وسألته ألا يهلك أمى بالسنة فأعطانيها، وسألته أن يجعل باسهم بينهم فمنعنها.
(٢) كما يدل عليه لفظ التثنية، وأوضح منه رواية ابن مردوية عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: دعوت ربي أن يرفع عن أمتي أربعاً، فرفع اثنتين، وأبى أن يرفع عنهم اثنتين دعوت ربي أن يرفع عنهم الرجم من السماء، والغرق من الأرض، وأن لا يلبسهم شيعاً، وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض، فرقع عنهم الرجم والغرق، وأبى أن يرفع القتل والهرج.
(٣) يعني خصص الظلم بأعلى أفراده، وكذا التنوين بالتعظيم.
(٤) وإذا خلط بالعظيم وهو الإيمان شئ حقير من الظلم لا يبقى له أثر، لا يقال: بقى احتمال ثالث، وهو خلط الحقير بالحقير، لأنه منتف يداهة، فان عظم أحد الخلطين وهو الإيمان ظاهر لا يخفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>