(٢) أي يمكن دخول صاحب كبيرة في كل من هذه الدرجات. (٣) والمسألة شهيرة والخلاف فيها مبسوط في الدفاتر والكتب، وجملتها كما في الجمل عن الخازن تحت قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}: اختلفوا في الذي رآه، فقيل: رأى جبريل، وهو قول ابن مسعود وعائشة وقيل: هو الله عز وجل، ثم اختلفوا على هذا في معنى الرؤية، فقيل: جعل بصره في فؤاده، وهو قول ابن عباس، روى مسلم عنه: ولقد رآه نزلة أخرى، قال: رأى ربه بفؤاده مرتين، وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه حقيقة، وهو قول أنس بن مالك والحسن وعكرمة، قالوا: رأى محمد ربه عز وجل، وروى عكرمة عن ابن عباس قال: إن الله عز وجل اصطفي إبراهيم بالخلة واصطفي موسى بالكلام، واصطفى محمداً بالرؤية، وقال كعب: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى، فكلم موسى مرتين، ورآه محمد مرتين، وكانت عائشة تقول: لم ير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ربه، وتحمل الآية على رؤية جبرئيل، وفي الخطيب: حاصل المسألة أن الصحيح ثبوت الرؤية، وهو ما جرى عليه ابن عباس، انتهى. وفي شرح العقائد: الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- إنما رأى ربه بفؤاده لا بعينه، وصححه القاري في شرح الفقه الأكبر وكذا في التفسير الأحمدي، وقال الرازي في الكبير: إن النصوص وردت أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه بفؤاده فجعل بصره في فؤاده، أو رآه ببصره فجعل فؤاده في بصره انتهى. وقال الحافظ المراد: برؤية الفؤاد رؤية القلب لا مجرد حصول العلم لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان عالماً بالله على الدوام، بل مراد منى أثبت له أنه رآه بقلبه أن الرؤية التي حصلت له خلقت في قلبه كما يخلق الرؤية بالعين لغيره، والرؤية لا يشترط لها شيء مخصوص عقلا، انتهى. وسيأتي شيء من ذلك في تفسير سورة النجم.