للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له مبيت مع فيهم من قلة كل ما يوجب التلوث لقلة أطعمتهم وكثرة جهدهم كيف وفي زماننا لا يمكن لأحد أن يجلس في مسجد زمانًا ولا يحدث وقد ثبت تأذي الملائكة بالحدث وكذلك الكلام بما ليس فيه مصلحة دينية وإن لم يكن في المسجد حرامًا لكنه يوجب شيئًا من النزول ولتبدل الزمان وتغير الوقت وارتفاع ما كان مجوزًا للمبيت في المسجد، قال ابن عباس وغيره لا يتخذه مبيتًا ومقيلاً لكن هذا اللفظ كما ترى إنما يمنع الدوام والاستقرار على ذلك فإن الاتخاذ لا يصدق دونه وعلى هذا فلا فرق بين القولين (١).

والحاصل من هذين القولين اللذين ذكرهما الترمذي إنما هو الرخصة في ذلك إذا كان أحيانًا أو في ضرورة، وأما اتخاذه مبيتًا أو مقيلاً فلا كما يشير إليه قوله عليه السلام إنما هذه المساجد لا تصلح لشيء من أمور الناس أو نحوه، وقوله ونحن شباب هذا تنصيص منه على أولوية الإجازة للشيوخ لما أن الشباب بمثل ذلك الاحتراز أولى من الشيوخ.

قوله [باب ما جاء في كراهة البيع والشراب وإنشاد الضالة والشعر في المسجد]

أما النهي عن البيع (٢) والشراء فقد رخصوا فيها للمعتكف إذا لم يحضر المتاع لما فيه من الضرورة له، وأما لغيره فلا ضرورة وكذلك لا حاجة إلى


(١) إلا أن عامة شراح الحديث ونقلة المذاهب كالحافظين ابن حجر والعيني وغيرهم ذكروا في المسألة قولين: الإباحة والكراهة والثالث الإباحة لمن لم يكن له مبيت فالظاهر أن الفرق بين القولين حقيقي وإن يمكن تأويل قول ابن عباس إلى ما أوله الشيخ.
(٢) الجمهور على صحة البيع مع كراهة كما بسطه في الأوجز وحكى عن مالك الجواز لو لم تكثر المراجعة كمساومة ثوب وسلعة تقدمت رؤيتها وكذلك حكى الطحاوي عن الحنفية الجواز إذا لم يعم المسجد ويغلب عليه كالسوق وفي عامة فروع الحنفية الكراهة وهو المذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>