هذا وبين ما ورد من أن بعض الأعمال الآخر أيضًا لا ينقطع أجرها وثوابها وهو أن المعدود ههنا في الجهاد نفس العمل لا ثوابه فقط، وهناك هو الثواب فقط ولا يزاد العمل، وكم من فرق بين زيادة نفس العمل وبين أن يزاد أجره أو أثره وفي الأول من الزيادة ما ليس في الثاني، قوله [المجاهد من جاهد نفسه] ولا يخفى ما بين الجهادين من الالتئام والاتصال فإن مجاهدة الكفار لا تخلو عن مجاهدة النفس ولا تتصور دونها ومجاهدة النفس إذا كملت لا تكاد تترك الرجل لا يجاهد الكفار بلسانه أو بسنانه.
[باب الصوم في سبيل الله]
قوله [من صام في سبيل الله] وهذه الكلمة أعم من الجهاد وغيره إلا أن إيراد المؤلف إياه في أبواب الجهاد يشعر أنه حملها عليه ويمكن توجيه إيراده بحيث لا يناقض العموم فيقال إنما أورده ههنا لكون الجهاد سبيلاً من سبل الله فيكون فردًا من أفراده، ويوفر له حظه في صومه في الجهاد كما يوفر حظه إذا صام في غير الجهاد من سبل الله وليس يعني بإيراده ههنا تخصيصه بالجهاد حتى لا يكون غيره من السبل موعودًا عليه بالوعد الكذائي ثم لا يخفى أن فضل الصوم في الجهاد مقيد بما إذا لم يخش به ضعفًا في نفسه ولا إخلالاً في أمور الجهاد وإلا فقد ورد في مثلهم أولئك العصاة.
قوله [سبعين خريفًا أي عامًا] ويجمع بين العددين بأن بعد سبعين (١) من النار نفسها وبعد أربعين من حيث يبلغ إليه أثرها أو بأن اختلاف الأجزية باختلاف الأشخاص ونياتهم أو كان الوعد بالأقل قبل الوعد بالأكثر أو باختلاف المشاق إلى غير ذلك من وجوه الجمع.
[باب فضل النفقة في سبيل الله] قوله [كتبت له سبع مائة ضعف] وهذا
(١) يعني يكون بعده من عين النار سبعين خريفًا وبعده من المحل الذي يبلغ إليه أثر أربعين خريفًا.