للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعي له الأخذ من غير جنسه حتى العقار واستحسن متأخر فقهائنا هذه الرواية لفساد القضاة وأخذهم الرشى في الحكم [قال الدين مقضي] اختار في العارية لفظ الأداء لأن الدين إنما يؤخذ لأداء مثله ولا يؤتي عين ما أخذ ولا كذلك العارية فإنها مؤداة بعينها [قال قتادة ثم نسى الحسن] والأصل أن الحسن لم ينس الرواية بل فهم قتادة رواية الحسن على غير فهم الحسن فإن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله العارية مؤداة وقوله على اليد ما أخذت هو أن الشيء المستعار يرد بعينه ولا يجوز أن يبدله من عنده أو يحبسه عنه فلا يعطيه وأنت تعلم إن أداه بعينه يستدعي بقاءه وأما إذا هلك فلا يجب عليه أن يضمنه لأن يده على العارية يد أمانة لا يد ضمان فلم يك رواية الحسن خلافًا لفتواه نعم فهم قتادة بينهما خلافًا فنسب الحسن إلى النسيان وأما إذا خالف المستعير أمر المعير فلم يبق عارية بل صار مغصوبًا يجب عليه ضمانه والقرينة على ذلك أنه إذا ضمنها فإنه لم يرد إلا مثلها ولما لم يبق العارية عارية وانقلبت غصبًا فإن وجوب المثل حينئذ لا ينافي الرواية لأنها لم تتعرض بذكر الغصب فإن المذكور فيها مسألة العارية فقط، والله أعلم.

[باب ما جاء في الاحتكار]

اعلم أن الاحتكار منهي عنه إذا حبس أقوات الأناس أو الدواب عند افتقارهم إليها أو اشتراها وهم كذلك ثم لم يبعها أو اشتراها لا لضرورة له إليها بل لربح فيها لغلاء ثمنها أو اشتراها وانتظر غلاءها ليبيعها غاليًا وأما إذا عدم الأمران فلا يكره إلا أن الآخذين من سعيد حملوا اللفظ على عمومه فسألوا عن احتكاره فقال إن أستاذي كان يحتكر وهو صحابي عامل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم فعلم بذلك أن كل أنواع الاحتكار غير منهي عنه وهذا الجواب كاف لكل من حضر ثمة من العوام والخواص ثم بين حقيقة الأمر في وقته وهو تخصيصه بما يفتقر إليه فالمدار في النهي تعينه لتسني (١) حوائج الناس أو الدواب، وما لم يتعين له جاز


(١) قال المجد تسنى زيد تسهل في أموره.

<<  <  ج: ص:  >  >>