للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة حتى تؤمنوا، هذه بديهية الثبوت مسلمة الفرق كلها، بقى الكلام في المقدمة التالية لها فنقول: لا ريب في أن الإيمان يوجب الحب بالإيمان، ثم بواسطته مودة المؤمنين والإخلاص معهم، ثم لذلك عوارض وموانع خارجية توجب زيادة تلك المودة أو نقصانها، ولذلك قلنا: لو قتل المؤمن من حيث إيمانه فحسب كفر لكونه ارتكب ما هو مأمور بخلافه، فعلم بقتله أنه ليس له المحبة بالإيمان في درجة من الدرجات لا قليلة ولا كثيرة، وعلى هذا فوجب السعي في ازدياد هذه المودة التي هي مناط الإيمان الموقوف عليه دخول الجنة، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكم على أمر لو إلخ.

قوله [فقال النبي صلى الله عليه وسلم عشر] فإن الحسنة بعشر أمثالها.

[باب في أن الاستيذان ثلاث]

قوله [فقال عمر واحدة] لعله رضي الله تعالى عنه كان (١) مشتغلاً في مهم له فأراد أن يدعوه إذا فرغ منه، فلم يفرغ منه إلا وقد ذهب أبو موسى لما لم يسمع بالأذن، وكان عمر رضي الله تعالى عنه مع اشتغاله بما كان قد كان تنبه بندائه حتى قال لغيره: إنه استأذن مرة واحدة، ويمكن أن يقال: إنه رضي الله تعالى عنه أراد أن يعمل بالسنة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم


(١) كما ذكره الحافظ من رواية للبخاري أن أبا موسى استأذن على عمر بن الخطاب فلم يؤذن له، وكأنه كان مشغولاً فرجع أبو موسى ففزع عمر، الحديث، وفي رواية لمسلم عنه قال: استأذنت على عمر أمس ثلاث مرات فلم يؤذن لي، فرجعت، ثم جئت اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئت أمس فسلمت ثلاثًا ثم انصرفت، قال: قد سمعناك، ونحن حينئذ على شغل فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك، وجمع الحافظ بين مختلف ما روى عنه في هذا بأن عمر لما فرغ عن الشغل الذي كان فيه سأل عنه، فأخبر برجوعه، فأرسل إليه فلم يجده الرسول في ذلك الوقت وجاء هو إلى عمر في اليوم الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>