للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان الظاهر من قوله ليجعلن الله أن الخلافة لما جعلها الله في غير قريش لفسقهم لم يبقوا مستحقين لها فصارت الخلافة الحقة حق غير قريش، وليس الأمر كذلك فإن استحقاقهم الخلافة لا يرد عليه مزيل إلى يوم القيامة، وعلى هذا اعترض عمرو ابن العاص حيث قال: كذبت والله إلخ، يعني أن الذي قاله البكري كان حقًا لا يرتاب فيه، فإن الأئمة القرشيين لما لم يعدلوا ينزع الله الملك عنهم ويعطيه غيرهم إلا أن الاستحقاق باق لهم بعد، وأما ما يتبادر بلفظ جعل الله أنهم لا يبقون مستحقين لها فكذبه عمرو ورده بحديث سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله [قريش ولاة الناس] أي مستحقون لها، وأما إذا تغلب رجل من غيرهم فإنه يصير أميرًا لا محالة فيجب متابعته (١) إذا لم يقدروا على عزله. قوله [رجل من الموالي يقال له جهجهاه (٢)] الموالي الأعاجم ولعل ذلك بعد عيسى (٣) عليه السلام.

[باب في المهدي]

قوله [لطول الله ذلك اليوم] لكون ولايته أمرًا يقينًا واقعًا لا محالة. قوله [خشينا أن يكون بعد نبينا حدث إلخ] ظاهر هذا


(١) قال النبي صلى الله عليه وسلم: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي، قال الحافظ: نقل ابن بطال عن المهلب لا يوجب أن يكون المستعمل للعبد إلا إمام قرشي لما تقدم أن الإمامة لا تكون في قريش، وأجمعت الأئمة أنها لا تكون في العبيد، قال الحافظ: ويحتمل أن يسمى عبدًا باعتبار ما كان قبل العتق، وهذا كله إنما هو فيما يكون بطريق الاختيار، أما لو تغلب عبد حقيقة بطريق الشوكة فإن طاعته تجب إخمادًا للفتنة ما لم يأمر بمعصية، انتهى. وكذا قال العيني وغيره.
(٢) اختلف في أن هذا ورجلاً من قحطان يسوق الناس بعصاه واحد أو اثنان كما بسطه الحافظ في الفتح.
(٣) وبذلك جزم عامة من صنف في علامات القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>