للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أبواب الأمثال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم]

وضعها ليعلم بذلك أن التمثيل جائز وأن التشبيه إنما يعتمد الكمال في وجه الشبه، ولا ينظر فيه إلى سائر ما يلزم، فإن تطبيق كل المشبه على كل المشبه به لا يكون مقصودًا، فإن الله عز وجل شبه بالصراط المستقيم وهو على الأرض بالإسلام (١)، ولا تشبه بينهما في كثير من الأمور بجامع الإيصال إلى المقصود، وكذلك ما قال: وداع (٢) يدعو فوقه فإنه لا ينظر فيه إلى ما لزم من تحيزه إذ


(١) هكذا في المنقول عنه بزيادة الباء على الإسلام والصراط معًا، والظاهر أنها على الإسلام من سهو الناسخ.
(٢) ظاهر ما أفاده الشيخ رحمه الله أنه فسر الداعي بالله عز اسمه، وهو ظاهر سياق الترمذي، إذ قال: والله يدعو إلى دار السلام، لكن هذا الحديث مختصر، وأخرجه الحاكم مفصلاً وفسر فيه الداعيين بغير ذلك، ولفظه: عن النواس بن سمعان قال: ((ضرب الله مثلاً صراطًا مستقيمًا، وعلى كنقي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى الصراط داع يدعو يقول: يا أيها الناس اسلكوا الصراط جميعًا ولا تعوجوا: وداع يدعو على الصراط فإذا أراد أحدكم فتح شيء من تلك الأبواب، قال: ويلك لا تفحته فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والستور حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، والداعي الذي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله يذكر في قلب كل مسلم، صحيح على شرط مسلم ولا أعرف له علة، ولم يخرجاه، انتهى. قلت: ويؤيد رواية الحاكم ما في المشكاة برواية ابن مسعود مثل هذه القصة بلفظ: وعند رأس الصراط داع يقول: استقيموا على الصراط، وفوق ذلك داع يدعو كلما هم عبد أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب: ويحك لا تفتح، ثم فسر الداعي على رأس الصراط بالقرآن، والداعي من فوقه بواعظ الله في قلب كل مؤمن، ومما ينبغي التنبيه عليه أن قوله (صراطًا مستقيمًا) بدل من قوله (مثلاً) لا على إهدام المبدل كما في قولك: زيد رأيت غلامه رجلاً صالحًا، قاله القارئ. قوله (زوران) بالزاي المبدلة عن السين بمعنى سوران كما حققه المحشي، وفي النسخة المصرية (داران) بدل (زوران) والظاهر أنه تحريف، وما ذكر المصنف من رواية الدارمي عن زكريا بن عدي عن الفزاري، وكتب عليه المحشي أنه يوجد في بعض النسخ زكريا بن أبي عدي فهو تحريف من الناسخ، والصواب بدون حرف الكنية فإنه زكريا بن عدي بن زريق من مشايخ الدارمي، وتلامذة الفزاري، وهذا الأثر ذكره مسلم في مقدمته بدون لفظ الكنية، وليست في النسخة المصرية من الترمذي أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>