وقد فرغ من طوافه الأول وسعيه الأول أو انفصلوا عنه ولم يأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد في الطواف الثاني وأما ما رواه الطوافين وكذا السعيين فلا يتوهم بهم أنهم رووا كذلك بمحض القياس أو التوهم إذ لو حمل على ذلك لكان كذبا فلم ينقلوا عنه ذلك إلا وقد رأوه أنه طاف طوافين وسعى سعيين وأما الحديث القولي فأما ضعيف أو مأول جمعا بين الأحاديث فمن ذلك قولهم الآتي عنه - صلى الله عليه وسلم - من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعى واحد فالصحيح أنه مرفوعا غير صحيح وإنما هو موقوف وإن سلم رفعه فالواو فيه بمعنى أو وهو كثير شائع ولفظه جميعا وإن كان الغالب استعمالها فيما وجودها مجتمع ولكنها كثيرا ما يستعمل فيما لم تجتمع وجود لها وذلك لاعتبار الاجتماع في نفس الوجود وإلا لزم التعارض بين قوله وفعله - صلى الله عليه وسلم - ولا يجوز أن يحمل فعله على العزيمة وقوله هذا على الرخصة لأن هذا لا يقوله أحد فمن قال بالطوافين لم يقل باجزاء واحد ومن قال بطواف لم يقل بشرعية التكرار.
[باب مكث المهاجر بعد الصدر]
قوله [يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه بمكه] وإنما رخص لهم دون الزيادة لأن في الإقامة هناك تعريضا لثواب الهجرة على التقليل فيكره وذلك لأنها وإن لم تبق دار الكفر غير أن إقامتها نقض بحسب الصورة لما عاهدوا الله به من مفارقة الأهل والمال ومتاركة الوطن وإن لم يكن نقضا حقيقة ولذلك يقل ثواب الهجرة إن مات أحد من الذين