للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هاجروا في الدار التي هجرها أولاً وإن لم يكن من عزمه القيام هناك بل كان على قصد الرجوع ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لكن البائس سعد بن خولة، وأما لو حان في أيام أداء نسكه فله في ذلك فضل كثير ولا يتناقض بذلك أجره شيئًا لأنه ليس بمقيم إلا لأداء نسكه بعد، ولا يبعد أن يقال وإن لم يرد بذلك تصريح فيما بلغني من الروايات أن الميت بمكة من المهاجرين وإن كان ينتقص من أجر هجرته شيء إلا أنه يثاب ثواب موته بمكة كما يؤتاه غير المهاجر وإن كان الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم لكن البائس سعد أن ما أوتي من الثواب لا يوازي ما نقص من ثواب هجرته ولا يكافيه إذ لو كان موافيًا له أو زائدًا عليه بشيء لم يكن ثمة بؤس ثم إن الرخصة في إقامة الثلاث لما يحتاج إليه من دفع التعب والكلال وإصلاح شأنه وشراء بعض ما يضطر إليه في سفره إلى غير ذلك والله أعلم.

قوله [وهزم الأحزاب وحده] هذا ليس حالاً من فاعل هزم وإنما (١) هو مفعول مطلق لفعل محذوف لأن الحال تكون نكرة وهذا معرفة ولما يوهمه ظاهر اللفظ على هذا التقدير من اقتصار التوحد على حين الهزم مع أن توحده


(١) اختلفت النحاة في تركيب قولهم وحده على أقوال: قال صاحب الكافية وشارحها شرط الحال أن تكون نكرة ومررت به وحده ونحوه متأول بالنكرة فلا يرد نقضًا على القاعدة، وتأويلها على الوجهين: إحداهما أنها مصادر لأفعال محذوفة أي ينفرد وحده أي انفراده فالجملة حال والمصدر منصوب على المصدرية، وثانيهما أنها معارف موضوعة موضع النكرات أي منفردًا أو نحوه فالصورة وإن كانت معرفة فهي في التقدير نكرة، انتهى، وقال صاحب المتن المتين: هي نكرة دائمًا وغير الكوفية نحو مررت به وحده، انتهى، وفي هامشه يعني لم يدخل الكوفية هذا النحو في الحال أصلاً إذ المنصوب في هذا عندهم على الظرفية كما في قولهم جاؤوا معًا بخلاف البصرية إذ هو منصوب على الحال عندهم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>