اعلم أن مسألة القراءة خلف الإمام من أدق مسائل فروع الدين وأهم ما تنازعت فيه فقهاء المجتهدين وليس مقصودنا في إيراد هذه المسألة ههنا إلا إثبات ما هو حق لا يرتاب فيه وإن لم يقبله مكابرة وعنادًا مجادل أو سفيه فنقول إن في عدم قراءة المؤتم خلف الإمام وقت ما هو يقرأ اتفاقًا (١) بينهم إنما الخلاف في القراءة وقت سكتات الإمام وكذلك هم
(١) المراد اتفاق الجمهور وإلا ففيه خلاف يسير، قال ابن قدامة: المأموم إذا سمع قراءة الإمام فلا يقرأ بالحمد ولا بغيرها لقوله تعالى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}، الآية ولقوله صلى الله عليه وسلم «مالي أنازع القرآن فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر»، والجملة أن المأموم إذا كان يسمع قراءة الإمام لم تجب عليه القراءة ولا تستحب عند إمامنا والزهري والثوري ومالك وابن عيينة وابن المبارك وإسحاق وأحد قولي الشافعي والقول الآخر له بقرأ فيما جهر فيه الإمام وأورد ابن العربي على عموم القراءة خلف الإمام فقال يقال للشافعي عجبًا لك كيف يقدر المأموم في الجهر على القراءة أينازع الإمام أم يعرض عن استماعه أم يقرأ إذا سكت فإن قال يقرأ إذا سكت قيل له فإن لم يسكت الإمام وقد أجمعت الأمة على أن سكوت الإمام غير واجب متى يقرأ ويقال له أليس في استماعه لقراءة الإمام قراءة منه وهذا كاف لمن أنصفه وفهمه وقد كان ابن عمر لا يقرأ خلف الإمام وكان أعظم الناس اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى.