للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متفقون على أنه لا يقرأ غير الفاتحة وهو السورة حين هو مؤتم إلا ما ذهب شرذمة قليلة لا يعبأ بها إذ لم ينتظموا في سلك الفقهاء فإنهم تقولوا بقراءة السورة أيضًا خلف الإمام، وفي المسألة أربعة مذاهب:

الأول ما اختاره الإمام الهمام قدوة العلماء الأعلام من عدم جواز قراءة الفاتحة للمقتدي حين الاقتداء في الصلاة الجهرية والسرية كلتيهما.

والثاني مذهب شافع العصاة رحمه الله تعالى من وجوب قراءتها في كلتيهما.

والثالث مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى من عدم الوجوب في الجهرية والوجوب (١) في السرية.

والرابع ما ذهب إليه أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى من عدم الوجوب من كلتيهما والجواز غير منفي عنده.

وأما إذا نظر إلى ما قدمنا من مذهب الشرذمة الغير المعتد بها فالمذاهب خمسة ولو نظر إلى ما روى عن محمد (٢) من أنه استحسن القراءة خلف الإمام تصير المذاهب ستة، وأما عند الشيخين فالقراءة محرمة (٣) لما فيها من الوعيد (٤)


(١) ما حكى الشيخ من الوجوب في السرية عند مالك لعله مأخوذ من كلام بعض المالكية فإنهم قالوا بذلك ومرجح مذهب الإمام مالك كما في الأوجز عدم الوجوب في كلتيهما، نعم أحبها في السرية وكرهها في الجهرية وكذلك ما حكى عن الحنابلة من عموم الجواز خلاف فروعهم بل فيها المنع عن القراءة عند الجهر إلا لعذر.
(٢) كما حكاه عنه صاحب الهداية وغيره، وفي الدرالمختار ما نسب لمحمد ضعيف.
(٣) أي مكروه تحريمًا، ففي الدارالمختار: المؤتم لا يقرأ مطلقًا فإن قرأ كره تحريمًا وتصح في الأصح قال ابن عابدين منع المؤتم القراءة مأثور عن ثمانين نفرًا من كبار الصحابة منهم المرتضي والعبادلة الأربعة وقد دون أهل الحديث أساميهم.
(٤) ففي التنسيق عن كشف الأسرار عن عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه قال عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهون عن القراءة خلف الإمام أشد النهي أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، انتهى، وفي الأوجز روى عن ابن مسعود بألفاظ مختلفة ففي رواية قال أنصت فإن في الصلاة شغلاً سيكفيك الإمام، وفي أخرى عنه ليت الذي يقرأ خلف الإمام ملئ فوه ترابًا وروى عن علقمة بن قيس أن أعض على جمرة أحب إلي من أن أقرأ خلف الإمام وعن سعد بن أبي وقاص وددت أن الذي يقرأ خلف الإمام في فيه جمرة وعن عمر ليت في فم الذي يقرأ خلف الإمام حجرًا، قال صاحب التنسيق هذا سند جيد لا كلام فيه ثم رد ما نقل عنه بخلافه وغير ذلك من الآثار في الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>