للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمأخوذ منه على ما يدينه من صحيح وفاسد ولا يخفي ما في تقريره (١) أهل الشرك على الشرك من القبح والفساد، وأما أهل الأديان الآخر من اليهودية والنصرانية فإنهم وإن كانوا يشتركونهم في الإشراك بالله إلا أنهم يقرون بالأديان السماوية ويدعون كونهم على الأحكام الإلهية حسب ما أنزل إليهم، وإن كان دعواهم تلك كاذبة فلا يقاس أحد الفريقين على الآخر لبون بينهما بعيد حتى يؤخذ منهم كما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، وأما إذا ثبت لعمر أخذ النبي صلى الله عليه وسلم من مجوس هجر أخذ عمر (٢) لثبوت الحكم بالنص.

قوله [إنا نمر بقوم فلا هم يضيفونا] قال بعضهم معنى هذا، الإجازة أنهم كانوا مأمورين بالضيافة إذا ورد المسلمون عليهم، وهذا لا يصح لأن هذا التقرء كان في زمن عمر لا زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل الإجازة لهم أن يأخذوا بالقيمة كرهًا، وتوجيه الحديث أن الكفار كانوا إذا نزل المسلمون أغلقوا دكاكينهم وتركوا المبايعة إضرارًا بالمسلمين فلما رأى المسلمون ذلك شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء لا يضيفوننا ولا شكاية في ذلك أن الضيافة تبرع وإكرام، وليس حقًا ثابتًا، إنما الشكوى أنهم لا يؤدون إلينا بحق وهو الشراء والإيتاء بالقيمة فكأنهم ذكروا في كلامهم الطرق الثلاث المحتملة للأخذ، وهو الأخذ قيمة أو الأخذ بغير قيمة جبرًا منا أو إكرامًا منهم، أما الأول فلأنهم لا يبايعوننا، وأما الثاني فلأنك يا رسول الله


(١) ولا يرد على الحنفية وغيرهم لما في الدر المختار أن الجزية ليست رضا منا بكفرهم كما طعن الملحدة بل إنما هي عقوبة لهم على إقامتهم على الكفر فإذا جاز إمهالهم للاستدعاء إلى الإيمان بدونها فيها أولى، وقال تعالى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} انتهى، هكذا في الأوجز.
(٢) ولذا أباح أهل العلم منهم الأئمة الأربعة مع اختلافهم في كونهم أهل الكتاب أخذ الجزية عنهم حتى حكى جماعة من أهل العلم الاتفاق على ذلك كما بسط في الأوجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>