لأنه غلب استعماله فيه ويمكن أن يكون المراد منه المطبوخ من غير البر أو غير المطبوخ منه لما أن البر لم يكن عندهم حينئذٍ حتى يحمل عليه والحاجة إلى الجواب إنما هو إذا حمل لفظ الطعام على البر والجواب أنه لم يرد إنا كنا تخرج في الواقع وبالفعل وإنما قال ذلك ظنًا منه وتخمينًا فإن كل ما عندهم من أنواع الأطعمة كانوا يخرجون منه صاعًا فلو كان البر عندهم لما خالف سائر الأطعمة في ذلك الحكم ولم يبلغه ما قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الحنطة حيث قال مدان من قمح أو المعنى على تقدير وجود الحنطة عندهم حينئذ أنهم كانوا يخرجون منه صاعًا وكان النبي صلى الله عليه وسلم لما بين لهم مقدار الواجب يحمل ما زاد منه على التطوع فهل ترى النبي صلى الله عليه وسلم يمنعهم عن تطوعهم، وقد أمرهم الله تعالى بالإنفاق في سبيله في عدة مواضع من كتابه، وأما قول معاوية رضي الله عنه إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعًا من تمر فإنما كان احتياطًا منه في نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما ورد في ذلك من الوعيد لكن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه لما لم يقف على كونه حديثًا بل فهمه فهم معاوية رضي الله عنهما لم ير أن يترك ما فعله واختاره وثابر عليه في زمانه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر يرأى صحابي هو مثله في كونهما قد استفادا ما استفادا من العلوم من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الناس أخذوا بقول معاوية ذلك الذي قال لهم لكونهم صادفوه من مجتهد يكفيهم كونه من رأيه أيضًا فكيف وقد علموا أنه