للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعمال الخير ثوابًا عند الله وأجرًا عينه لذلك العمل، ولنفرض لذلك مثالاً في عرفنا وهو أن ثواب الحج نفسه مثلاً الذي عينه للحج ألف قنطار من الثواب ثم إن لكل عمل فضلاً وإنعامًا عند الله عينه منة منه على العباد وإحسانًا وهو للحج مثلاً ألف ألف قنطار مثلاً، إذ ليس تضعيف الحسنات عند الله واقفًا عند حد، فقد ورد في ذلك أن الحسنة بعشرة أمثالها وقد ورد مثل {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} وهكذا في غير الصدقة من الأعمال، فعلى هذا كان مقدار الأنعام على كل حسنة كثيرًا من كثير، ولقد تبين بذلك أن ثواب العمل (١) نفسه، وهو الأجر الحاصل بذلك العمل أكثر بكثير من ثواب نفس العمل، وهو ما عين له علاوة من الأنعام، فبناء على هذا ثواب نفس الحج من غير أن ينعم عليه يساويها ثواب الركعتين عند الطلوع، وأما إذا حج فثوابه (٢) أزيد بكثير من ذلك، وبذلك يستنبط المراد من قوله {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} يساوي ثلث القرآن، وقراءة يس يساوي قراءة القرآن عشر مرات إلى غير ذلك، فإن هذا كله يساوي ثواب القرآن الذي كان أجر نفس القرآن، وأما إذا قرأ القرآن نفسه فثوابه يشمل كل ذلك ويفضل عليه كثيرًا، والله الهادي إلى سواء السبيل.

قوله [تامة تامة تامة] لما كان هذا الثواب الكثير يستبعد على هذا العمل القليل، كان لمتوهم أن يتوهم أن هذه الحجة والعمرة لعلهما ناقصتان وليستا باللتين ورد في فضلهما ما ورد، دفع هذا بقوله تامة تامة تامة، قوله [وسألت محمدًا إلخ] هذا أيضًا بناء على الاستبعاد، فلعل الرواة نسوا في ذلك شيئًا فدفعه، فلذلك أقر


(١) وهو الذي يسميه المشايخ في تقاريرهم بالأجر الأنعامي.
(٢) أي ثواب نفس الحج، وأما ملحقاته من النفقة والمشي والنظر إلى بيت الله والصلوات في المسجد الحرام وغير ذلك مما لا تعد، فلا تحصى أجورها.

<<  <  ج: ص:  >  >>