للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفارة لخطاياه، وعلى هذا فما بعد القبر يكون أيسر منه له لتقليل ما في خطاياه بعذاب القبر، والجواب (١) أنه حكم الكافر، أي إن لم ينج بأن كان كافرًا فما


(١) حاصل ما أفاده الشيخ جوابان: الأول جواب شيخه، والثاني الذي لم يرض عنه شيخه، وتقريرهما ظاهر، واختلف السلف أيضًا في الجوابين، فمال ابن حجر إلى الجواب الأول ولم يرض عنه القارئ ومال إليه الجواب الثاني، ونص عبارته (إن القبر أول منزل من [منازل] الآخرة) ومنها عرصة القيامة عند العرض، ومنها الوقوف عند الميزان، ومنها المرور على الصراط، ومنها الجنة أو النار، وفي بعض الروايات وآخر ((منزل من منازل الدنيا)) ولذا يسمى البرزخ (فإن نجا منه) أي خلص المقبور من عذاب القبر (فما بعده) من المنازل (أيسر منه) وأسهل، لأنه لو كان عليه ذنب لكفر بعذاب القبر (وإن لم ينج منه) أي لم يتخلص من عذاب القبر، ولم يكفر ذنوبه به، وبقى عليه شيء مما يستحق العذاب به (فما بعده أشد منه) لأن النار أشد العذاب، والقبر حفرة من حفر النيران، وقال ابن حجر (فما بعده أيسر) لتحقق إيمانه المنقذ له من أليم العذاب، (وما بعده أشد) لتحقق كفره الموجب لتوالي الشدائد وفيه بحث ظاهر، انتهى، وأنت خبير بأن مقتضى القواعد هو الجواب الثاني، لأن القبر حفرة من حفرات النار، وبعد القبر لا يكون إلا النار، فمن لم ينج من الأول لا بد أن يقع في الثاني، وهو الأشد، قال تعالى {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)} لكن مقتضى الروايات التي وردت في عذاب القبر هو الجواب الأول لأن الروايات بأسرها متناولة للفريقين المؤمن كامل الإيمان والكافر، وأما الفساق فالروايات بأسرها ساكتة عنهم فمقتضاها أن يكون في حديث عثمان أيضًا ذكر الفريقين، إذا لم ينج فهو كافر وإن نجا فهو مؤمن كامل الإيمان، ويؤيد هذا الجواب أيضًا ما في جمع الفوائد من زيادة رزين بلفظ: قال هاني: وسمعت عثمان ينشد على قبر.
فإن تنج من ذي عظيمة .... وإلا فإني لا أخالك ناجيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>