للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر منه عدم الواسطة، ولا يبعد أن يكون إيراد رواية ضالة المسلم إشارة إلى أن قتادة لما كان مدلسًا وقد ثبت بينه وبين أبي مسلم واسطة ولو في غير هذا الحديث كان الاتصال في رواية النهي غير متبقين به أيضًا. فلعله دلس وترك ذكره، والله أعلم.

قوله [كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الل عليه وسلم ونحن نمشي] ثم كونه مسقطًا (١) للعدالة إذا كان في الأسواق وأمثالها لا ينافي كونه مما ارتكبه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك لما كان أمارة على قلة المروءة كان الظاهر من حاله أن لا يبالي بالكذب في أخباره، ولم يكن هذا في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما لهم من قدم في امتثال الأوامر واجتناب النواهي ثابتة فلا يقاس عليهم غيرهم، مع أنه ليس فيه تصريح بأنهم كانوا يرتكبون ذلك في الأسواق وهو المضر لا مطلق الأكل ماشيًا ولو في بيته، على أن الحاكم لو قبل شهادة مثل هذا الرجل لعلمه بحاله أنه لا يكذب وإن كان يأكل وهو يمشي في الأسواق لم يرتكب بأسًا، فليس ذلك مما يخالفه لاندفاع هذا الظاهر بعلمه.

قوله [شرب من زمزم وهو قائم] لأن النهي عنه كان لما فيه من مظنة الضرر والتحرز عن الإكثار، وكلاهما منتفيان فإنه نفع خالص وبركة محضة والإكثار منه مقصود فلا يكون منها، ثم الظاهر من ملاحظة الروايات أنه صلى الله عليه وسلم شرب ماء زمزم وهو واقف على بعيره فلم يكن فيه الشرب قائمًا، ولعل بعض الرواة فهم من لفظة الوقوف الدابة (٢) فاشتبه المعنى فعبره بذلك لكونه رواية بحسب المعنى في زعمه،


(١) فقد قال ابن نجيم وتبعه ابن عابدين وغيره في بيان مسقطات الشهادة: المراد بالأكل على الطريق أن يكون بمرأى من الناس، زاد ابن عابدين: أما إذا شرب الماء أو أكل الفواكه على الطريق لا يقدح في عدالته لأن الناس لا تسقبح ذلك.
(٢) فيه سقوط حرف من الناقل والمراد ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>