للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإناء للذمي وإن كان الآتي به مسلمًا، وكان قوله إني كنت نهبته إلخ، دفعًا لما يتوهم من أنه كيف يتبادر إلى ضربه ولم ينهه بلسانه، وفيه دلالة على جواز التأديب باليد إذا لم يتأدب بتأديب اللسان.

قوله [نهى أن يشرب الرجل قائمًا] وذلك (١) لما فيه من سرعة النفاذ للورود من أعلاه دفعة فيضر المعدة، وأما قوله في الجواب عن الأكل: (٢) وذاك أشد، فقياس صحيح فإن ما ذكر من الوجه وإن لم يوجد في الأكل لكنهما يشتركان في وجوه آخر من كثرة مقدار المأكول والمشروب لاتساع البطن وإهانة الطعام إلى غير ذلك، ولكن النهي في هذين لما لم يكن شرعيًا وإنما هو لحفظ صحته الحاصلة لا يكون آثمًا بارتكاب ما ذكر، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وتقريره سيجيئ بعد هذا.

قوله [ضالة المسلم حرق النار] ويدخل في المسلم الذمي لقوله صلى الله عليه وسلم: بذلوا الجزية ليكون أموالهم كأموالنا، ثم الظاهر أن المؤلف أورد هذه الرواية ههنا ليثبت بذلك أن قتادة كثيرًا ما يروى عن أبي مسلم بواسطة الآخرين، فلا يتوهم بذلك أنه روى هذه الرواية، رواية النهي عن الشرب قائمًا بواسطة، ووجه عدم التوهم قوله: هكذا روى غير واحد إلخ، فإذا اتفقت الرواة على ترك الواسطة في هذا السند كان


(١) اختلفوا في وجوه النهي عن الشرب قائمًا على أقوال بسطت في الفتح وغيره، واختلف أيضًا في الجمع بينه وبين ما ورد من شربه صلى الله عليه وسلم قائمًا، وقيل: النهي منسوخ، وقيل: محمول على النهي طبًا أو تنزهًا، وغير ذلك.
(٢) قال الحافظ في الفتح قيل: إنما جعل الأكل أشد لطول زمنه بالنسبة لزمن الشرب فهذا ما ورد في المنع من ذلك، وحكى عن المارزي أنه قال: لا خلاف في جواز الأكل قائمًا، وقال ابن عابدين: إن النهي طي.

<<  <  ج: ص:  >  >>