على اتحاد الجنس حتى عد التمر والرطب جنسًا والبيضاء بالسلت جنسًا كان النسأ فيهما أبعد عن الجواز لوجود علتي الحرمة كلتيهما، فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم أو ينقص إذا جف، فإما أن يكون بيانًا لما يقع في نصيب من أخذ الرطب بإيتاء التمر من النقيصة لأنه لما جفت الرطب فصارت صاعين بعد ما كانت ثلاثة آصع، وقد أدى إلى صاحبه ثلاثة آصع من التمر فضل لصاحبه فضل صاع، أو كان ذلك بيانًا لاتحاد جنسهما، فإن الرطب بعد جفافه يبقى تمرًا ويلزم فيه التفاضل أيضًا، وإذا صاروا جنسًا واحدًا كانت حرمة النسيئة أظهر وأيا ما كان [فقوله عليه السلام هل ينقص (١) إلخ] تنصيص على علة النهي لا مجرد الاستفسار للجفاف لوقوع الشك له فيه كيف ومثل هذا الأمر لا يخفى على كثير من الناس فضلاً عمن هو أفقه من كل فقيه عاقل بل هو تنصيص على وجه الحرمة وإلقاء على السامعين سبب المنع
(١) قال محمد في موطأه بعد هذا الحديث وبهذا نأخذ لا خير في أن يشتري الرجل قفيز رطب بقفيز تمر يدًا بيد وفي هامشه، وبه قال أحمد والشافعي ومالك قالوا لا يجوز بيع التمر بالرطب لا متفاضلاً ولا متماثلاً يدًا بيد كان أو نسيئة، وفيه خلاف أبي حنيفة حيث جوز بيع التمر بالرطب متماثلاً يدًا بيد كان أو نسيئة، وفيه خلاف أبي حنيفة حيث جوز بيع التمر بالرطب متماثلاً إذا كان يدًا بيد، لأن الرطب تمر وبيع التمر بالتمر جائز متماثلاً من غير اعتبار الجودة والرداءة، وقد حكى عنه أنه لما دخل بغداد سألوه عن هذا وكانوا أشداء عليه لمخالفته الخبر، فقال: الرطب إما أن يكون تمرًا أو لم يكن تمرًا، فإن كان تمرًا جاز، لقوله صلى الله عليه وسلم التمر بالتمر مثلاً بمثل، وإن لم يكن تمرًا جاز لحديث إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم فأوردوا عليه الحديث. فقال: مداره على زيد بن عياش وهو مجهول، أو قال ممن لا يقبل حديثه واستحسن أهل الحديث هذا الطعن منه حتى قال ابن المبارك كيف يقال إن أبا حنيفة لا يعرف الحديث وهو يقول زيد ممن لا يقبل حديثه، انتهى.