للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فإن ذلك خير] استعمال (١) صيغة التفضيل يشير إلى الخيرية في كليهما فإن أصل الفعل ما لم يوجد في الفاضل والمفضول جميعًا لم يصح إطلاق صيغة التفضيل وهذا يستدعي جواز الاكتفاء بالتيمم وإن وجد الماء والجواب أما أولاً فبأنه من قبيل قولهم أعلم من الجدار وأفقه من الحمار أو هو مجرد (٢) عن معنى التفضيل.

وأما ثانيًا فبأن المعنى تفضيله عليه ولكن لا عليه مطلقًا بل مقيدًا بعدم الماء والمعنى فإن استعمال الماء خير من استعمال التراب عند عدم الماء ولا شك في ثبوت الخيرية فيه عند ذاك ولا يلزم منه ثبوته له عند وجود الماء أيضًا وصار الحاصل أن الاكتفاء بالتراب وإن كان مجزيًا عند عدم الماء إلا أن الطهارة بالماء أكمل وبهذا يعلم أن راجي الماء يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها لتقع صلاته بأكمل الطهارتين فإن استعمال الماء بعد وجوده خير من الاكتفاء بالتراب عند عدمه.

وأما ثالثًا فبأن التيمم خلف عن الوضوء وهذا هو المعنى بالخيرية في الوضوء فلما كان الوضوء أصلاً والتيمم خلفًا لم يجز الاكتفاء بالتيمم عند قدرته على الوضوء لما يلزم فيه من العمل بالخلف عند قدرته على الأصل فأفهم.

[ويروى عن ابن مسعود (٣) أنه كان لا يرى إلخ] هذا على ما روى


(١) فإن الخير يستعمل في الاسم وبمعنى أفعل التفضيل أيضًا كما بسطه الراغب، وقال النووي في لغاته: فلأن خير الناس ولا تقل أخير، لا يثني ولا يجمع لأنه في معنى أفضل، انتهى.
(٢) كما في قوله تعالى أصحاب {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} الآية، قاله أبو الطيب.
(٣) تيمم الجنب مجمع عليه عند عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة إلا ما روى عن عمر وابن مسعود والنخفى من عدم جوازه للجنب، وقيل إن الأولين رجعًا عن ذلك، قال ابن العربي حكى عن ابن مسعود أنه لم يره وانعقد الإجماع بعد ذلك على جوازه للنصوص، كذا في الأوجز، قلت: والأوجه في سبب إنكارهما ذلك ما أفاده الشيخ ويؤيده ما ورد عنهما من الآثار.

<<  <  ج: ص:  >  >>