للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [ثم رخص للرجال في الميازر] وهذا تنبيه على علة المنع أنه كشف العورة فحيث لا كشف لا نهي، وبذلك يعلم (١) أن الحمام التي كانت مختصة بالنساء ولا يأتيها الرجال وجملة عملتها وخدمها إنما هن النساء لا غير جاز أن يدخلها النساء ولا ينكشفن فيما بينهن.


(١) استنباط لطيف من الشيخ، وحاصله أن النوعين لما منعا معًا، ثم رخص للرجال بالأزار حصل به التنبيه على علة الجواز وهي التستر، فلما حصل التستر ولو في حق السماء يجوز لهن أيضًا الدخول وهو ظاهر لا غبار عليه ووجيه لا إشكال فيه، لكن ما يخطر في البال أن الظاهر من النصوص أنهن مع كون الدخول جائزًا لهن بهذه الشروط منعن عن ذلك سدًا للباب كما هو ظاهر السياق، وفي المشكاة برواية أبي داؤد عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: لا يدخلنها الرجال إلا بالأزر وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء، وبرواية الترمذي وغيره عن جابر مرفوعًا: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام، وغير ذلك من النصوص المفرقة بين الرجال والنساء، قال المظهر: وإنما لم يرخص النساء في دخول الحمام لأن جميع أعضائهن عورة، وكشفها غير جائز إلا عند الضرورة، ولا يدخل الرجال بغير إزار، قال القارئ: لا يخفى أنه لا يظهر من كلامه حكمة الفرق بين الرجال والنساء في النهي فإن النساء مع النساء كالرجال مع الرجال من غير فرق، ولعل الوجه في منع النساء أنهن في الغالب لا يستحيى بعضهن من بعض، وينكشفن وينظر بعضهن إلى بعض حتى في الأجانب فضلاً عن القرائب، وأما البنت مع الأم أو مع الجارية وأمثالهما فلا كثير من الحمامات للنساء خصوصًا في بلاد العجم، وأنه لا تتزر منها إلا نادرة العصر من نسوان السلاطين أو الأمراء، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>