للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يمكن له أيضًا أن ينقص من الثمن إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أفردها بالذكر لأغراض ومنافع لا تلغى، منها الرد صريحًا على شيوعها بينهم، قوله [بيع السمك في الماء] وأنت تعلم أن الغرر في بيعه في الماء (١) إنما يتحقق إذا كان في تحصيله كلفة، وأما إذا أحرزه في بركته الصغيرة بحيث يمكنه أخذها ولا تعب فيه فلا يكره لعدم الغرر حينئذ، وكذلك الحكم في بيع الطير في الهواء، فإن الرجل إذا باع طيرًا، ولكنه يعود إلى المرسل كما دعاه لا يفسد البيع ههنا لعدم الغرر لكون المبيع مقدور التسليم إلا أنه يجب عليه تسليم الطير إلى المشتري، قوله [ومعنى بيع الحصاة أن، إلخ] كان أحدهم إذا نبذ الحصاة تحقق البيع حتمًا وإن لم يرض الآخر، وعلة النهي أنه لم يعلم تراضي أحد الطرفين فيه وهو المناط مع أن فيه ردًا لخيار الرؤية والعيب وأنت تعلم أن المشتري لا يرضى بالمعيب، وكذلك إذا اشتراه ولم يره كان له الخيار في رده إلا أن نبذ الحصاة منعه عنه، فكان فيه غررًا وإفراده بالذكر بعد دخوله في بيع الغرر لمزيد الاهتمام بشأنه لشيوعه فيما بينهم، قوله [أن يقول البائع، إلخ] وإنما قدر الشرط تعميمًا للحكم فيما لا عرف، وأما إذا كان كما كان لهم فلا يحتاج إلى تلك المقالة بل الأمر كذلك وإن لم يقولوا.


(١) قال العيني: قال شيخنا: ما حكى الترمذي عن الشافعي من أن بيع السمك في الماء من بيوع الغرر هو فيما إذا كان السمك في ماء كثير بحيث لا يمكن تحصيله منه، وكذا إذا كان يمكن تحصيله ولكن بمشقة شديدة، وأما إذا كان في ماء يسير بحيث يمكن تحصيله منه، وكذا إذا كان يمكن تحصيله منه بلا مشقة، فإنه يصح لأنه مقدور على تحصيله وتسليمه وهذا كله إذا كان مرئيًا في الماء القليل بأن يكون الماء صافيًا، فأما إذا لم يكن مرئيًا فإنه لا يصح بلا خلاف، كما قاله النووي والرافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>