للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحدث بمعنى ترك حالة وشروع حالة أخرى؟ كما أنه كان قاعدًا فقام أو اضطجع أو ذهب لينخم (١) أو مثل ذلك، فإن كان الأول فهو حق لا ريب فيه، وإن كان الثاني فما باله حرم بذلك الحدث الذي لا بد له منه من هذا الفضل العظيم والحظ الجسيم دفعه أبو هريرة بقوله فساء أو ضراط يغي أن المراد بالحدث ههنا هذا لتأذي الملائكة بذلك فعلم أنه لو أخذته الرعاف أو مثل ذلك مما لا يتأذى به الملائكة لا يكون هذا حكمه وعلم بذلك أنه لو تكلم بكلام منتن تتأذى منه الملائكة أو فعل شيئًا من هذا القبيل من (٢) الغيبة والنميمة، ومثلهما تركت الملائكة الصلاة عليه، واعلم أن مذهب المحدثين جواز (٣) الصلاة على غير النبي والأنبياء -عليهم السلام- لما ورد في الأحاديث مثله ومنعه الفقهاء لما أن الصلاة حصة من الرحمة الكاملة اختصت بها الأنبياء، وليس لغيرهم أن يدعي بها (٤) يدل على ذلك قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}


(١) قال المجد تخم كفرح تخمًا ويحرك وتنخم دفع بشيء من صدره.
(٢) هكذا في الأصل والأوجه تقديم قوله من الغيبة والنميمة على قوله أو فعل شيئًا من هذا القبيل كما لا يخفى.
(٣) والمسألة كثيرة الاختلاف بين العلماء من جواز الصلاة لغير الأنبياء ولغير النبي صلى الله عليه وسلم من سائر الأنبياء، وجواز السلام لغير الأنبياء، ومن جواز الترضي لغير الصحابة وغير ذلك مبسوطة في الأوجز.
(٤) تقاصر عنه فهمي الناقص كيف تم التقريب بل مقتضى الآية التعميم نعم، لو كان محلها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية لكان أوجه لما فيها من إطلاق الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وأصرح منه في الاستدلال قوله عز اسمه {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ} الآية، والمسألة خلافية شهيرة بسطت في الأوجز ومسلك الإمام أنها تجوز تبعًا ولا تجوز استقلالاً وبه قال مالك والشافعي خلافًا لأحمد كما بسط في الأوجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>