الأرض وخاص ببعضهم، فالأول كعامة خطابه، والثاني كقوله لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا فهذا ليس بخطاب لأهل المشرق والمغرب ولا العراق، ولكن لأهل المدينة وما على سمتها كالشام وغيرها، وكذلك قوله ما بين المشرق والمغرب قبلة، وإذا عرفت هذا فخطابه في هذا الحديث خاص بأهل الحجاز وما والاهم إذ كان أكثر الحميات التي تعرض لهم من نوع الحمى اليومية العرضية الحادثة عن شدة حرارة الشمس وهذه ينفعها الماء البارد شربًا واغتسالاً فإن الحمى حرارة غريبة تشتغل في القلب وتنبت منه بتوسط الروح والدم في الشرايين والعروق إلى جميع البدن وهي تنقسم على قسمين عرضية وهي الحادثة إما عن الورم أو الحركة، أو إصابة حرارة الشمس، أو الغيظ الشديد، ونحو ذلك ومرضية وهي لا تكون إلا في مادة أولى ثم منها تسخن جميع البدن فإن كان مبدأ تعلقها بالروح سمى حمى يوم لأنها في الغالب تزول في يوم، ونهايتها ثلاثة أيام، وإن كان مبدأ تعلقها بالأخلاط سميت عفنية وهي أربعة أصناف صفراوية وسوداوية وبلغمية ودموية، وإن كان مبدأ تعلقها بالأعضاء الصلبة الأصلية سمى حمى دق وتحت هذه الأنواع كثيرة، وقد ينتفع البدن بالحمى انتفاعًا عظيمًا لا يبلغه الدواء، وكثيرًا ما يكون حمى اليوم وحمى العفن سببًا لانضاج مواد غليظة لم تكن تنضج بدونها أو سببًا لتفتح سدد لم تكن تصل إليها الأدوية المفتحة فيجوز أن يكون مراد الحديث من أقسام الحميات العرضية فإنها تسكن على المكان بالانغماس في الماء البارد، وسقي الماء البارد والمثلوج ولا يحتاج صاحبها مع ذلك إلى علاج آخر فإنها مجرد كيفية حادة متعلقة بالروح فيكفي في زوالها مجرد وصول كيفية باردة تسكنها وتخمد لهبها من غير حاجة إلى استفراغ مادة أو انتظار نضج، ويجوز أن يراد به جميع أنواع الحميات وقد