للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يرتاب في كونه قبل موت (١) معاذ فإن موت معاذ رضي الله تعالى عنه كان في آخر الإسلام فهذا العام لو لم ينظر إلى خصوص الواقعة حكم بنجاسة بول مأكول اللحم، وإن نظر إلى أن العبرة بعموم اللفظ لا لخصوص المورد كان شموله له أظهر مع أنه مؤيد بفهم الصحابية أيضًا إذ لو لم يكن بوله نجسًا عندها لما ذكرته في موضع التفتيش عما أوجب تضييقًا عليه رضي الله تعالى عنه، ثم إن صنيع المؤلف رضي الله تعالى عنه من إيراده هذا الباب بعد باب التشديد في البول مشير إلى أن هذا التشديد عنده إنما هو في غير هذا النوع من البول لكونه مأكولاً طاهرًا عنده ولذلك تراه تعرض للجواب عن المثلة المذكورة في رواية الباب ولم يتعرض للجواب عن البول حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشربه وذلك لأنه طاهر عنده فلا حاجة إلى الجواب ثم إن سمر (٢) أعين العرينيين مشكل على مذهب الإمام فإنه لا يرى


(١) قد عرفت أن القصة لم أجدها لمعاذ لقصور نظري القاصر والمسمى بمعاذ في الصحابة جماعة والمعروف معاذ بن جبل رضي الله تأخر وفاته عن وفاته صلى الله عليه وسلم بكثير، وأما سعد بن معاذ فتوفى سنة خمس وقد عرفت أن الأوجه عندي أن القصة لصحابي لم يسم، نعم هي مؤيدة بما روى في قصة سعد بن معاذ المذكورة، قال صاحب نور الأنوار: والذي يدل على كون حديث العرينيين منسوخًا بهذا الحديث أن المثلة التي تضمنها حديث العرينيين منسوخة بالاتفاق لأنها كانت في ابتداء الإسلام، انتهى.
(٢) قال العيني: السؤال الثاني ما وجه تعذيبهم بالنار وهو تسمير أعينهم بمسامير محمية وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم التعذيب بالنار والجواب أنه كان قبل نزول الحدود وآية المحارية والنهي عن المثلة فهو منسوخ وقيل ليس بمنسوخ وإنما فعل قصاصًا لأنهم فعلوا بالرعاة مثل ذلك وقد رواه مسلم في بعض طرقه ولم يذكره البخاري لأنه ليس على شرطه لكنه بوب باب إذا حرق المشرك هل يحرق قال ابن المنير كان البخاري جمع بين حديث «لا تعذبوا بعذاب الله» وبين هذا بحمل الأولى على غير سبب، والثاني بمقابلة السيئة، وقيل إن النهي عن المثلة تنزيه لا تحريم، انتهى وبسط الكلام عليه الحافظ وقال يدل على نسخ ما رواه البخاري في الجهاد من حديث أبي هريرة في النهي عن التعذيب بالنار بعد الأذان فيه وقصة العرينيين قبل إسلام أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وقد حضر الأذان والنهي وروى قتادة عن ابن سيرين أن قصتهم كانت قبل أن تنزل الحدود لموسى بن عقبة في المغازي ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك نهى عن المثلة بالآية التي في سورة المائدة وإلى هذا مال البخاري وحكاه إمام الحرمين عن الشافعي واستشكل القاضي عياض عدم سقيهم للإجماع على أن من وجب عليه القتل فاستسقى لا يمنع وأجاب بأن ذلك لم يقع عن أمره صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ وهو ضعيف، لأنه صلى الله عليه وسلم اطلع عليه وسكوته كاف وأجاب النووي بأن المحارب المرتد لا حرمة له، وقال الخطابي إنما فعل لأنه أراد بهم الموت بذلك، وقيل غير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>