للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمور مملكته من فتح البلاد والعدل بين العباد والغزو مع الكفار إلى غير ذلك من الأطوار.

قوله [ثم ملك بعد ذلك] أي لا يبقى الأمراء بعد ذلك على سير الخلفاء وإن كان التغير يسيرًا، كما في معاوية رضي الله عنه وابن ابنه معاوية (١) بن يزيد، أو المعنى انقطاع الاتصال بعد انقضاء ثلاثين، وإن كان فيمن بعد ذلك أمير هو على سيرة الخلفاء.


(١) فإنه رحمه الله بويع بالخلافة يوم موت أبيه منتصف شهر ربيع الأول من سنة أربع وستين، وهو ابن عشرين سنة على خلاف، قال صاحب الخميس: وكان خيرًا من أبيه فيه دين وعقل فأقام في الخلافة أربعين يومًا وقيل: خمسة أشهر وخلع نفسه، ثم صعد على المنبر فجلس طويلاً ثم خطب خطبة بليغة مشتملة على الثناء والصلاة، ثم ذكر نزاع جده معاوية هذا الأمر من كان أولى به منه ومن غيره، ثم ذكر أباه يزيد وخلافته، وسوء فعله وإسرافه على نفسه، وكونه غير خليق للخلافة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وإقدامه على ما أقدم من جرأته على الله، وبغيه واستحلاله حرمة أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم اختنقته العبرة فبكى طويلاً، ثم قال: وأنا ثالث القوم والساخط على أكثر من الراضي وما كنت لأتحمل آثامكم، ولا يراني الله جلت قدرته متقلدًا أوزاركم وألقاه بتبعاتكم فشأنكم أمركم فخذوه، ومن رضيتم به فولوه فخلعت بيعتي من أعناقكم والسلام، فقيل له: استخلف فقال: ما ذقت حلاوة بيعتكم فأتجرع مزارتها، ثم نزل فدخل عليه أقاربه وأمه فوجدوه يبكي فقالت أمه: ليتك كنت جيفة ولم أسمع بخبرك فقل: وددت والله ذلك، ثم قال: ويلي إن لم يرحمني ربي، فقال بنو أمية لمعلمه عمر المقصوص: أنت علمته هذا ولقنته إياه وصددته عن الخلافة وزينت له حب علي، فقال: والله ما فعلته لكنه مجبول على حب علي، فلم يقبلوا منه ذلك ودفنوه حيًا حتى مات، وتوفى معاوية في جمادى الأخرى بعد خلع نفسه بأربعين ليلة، انتهى مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>