للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسب بعضهم رواية الأشهر إلى الغلط من قائله، والصحيح أن تأويل الشهور أيضًا ممكن فلا ضرورة إلى أن يصار إلى التغليظ، وهو أن يقال: مدة القتال وهو الفتح غير داخلة في ذلك فكأنه قال ما بين الملحمة العظمى وخروج الدجال سبعة أشهر، لأنه لما لم يجمع مدة القتال فيه بل أخذ آخره تبقى سبعة أشهر.

قوله [والقسطنطينية] والقسطنطينية واحد وغرضه أنها فتحت مرة (١) وستفتح أخرى لغلبة النصارى ثمة. قوله [فخفض فيه إلخ] بينه في الحاشية (٢)


(١) هذا هو المشهور في معنى الحديث وتوجيهه، وظاهر سياق كلام المصنف يدل على أنهما مدينتان فتحت إحداهما في زمن بعض الصحابة، وتفتح الأخرى عند خروج الدجال، وليس كذلك، بل القسطنطينة والقسطنطينية واحدة صرح بها غير واحد من أهل اللغة كالقاموس وغيره، وما في النسخ الهندية من تغير اللفظين لعله من النساخ، فإن في النسخ المصرية كلا اللفظين بسياق واحد، غاية ما فيه وضع المظهر موضع المضمر، وفي المجمع: هي مدينة مشهورة من أعظم مدائن الروم فتحت زمن الصحابة وتفتح عند خروج الدجال قاله الترمذي، انتهى. فهذا كالصريح بأن مراد الترمذي تكرار الفتح، والمراد بزمن بعض الصحابة زمان خلافة الأمير معاوية فإنها فتحت أولاً سنة خمسين أو بعيدها على اختلاف الأقوال، وتوفى في هذه الغزوة أبو أيوب الأنصاري، قال الحافظ في الإصابة: سنة اثنتين وخمسين هو الأكثر، انتهى. قلت: ثم استرجعها الروم ففتحت ثانيًا نهار الأربعاء لعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وثمان مائته، وكانت أيام محاصرتها إحدى وخمسين يومًا، فغنم المسلمون من الأموال والدواب ما لم يسمع بمثله، هكذا في الفتوحات الإسلامية للسيد أحمد بن السيد زيني دخلان مفتي الشافعية بمكة المكرمة.
(٢) ولفظها: هما بتشديد فاء أي حقر أمره بأنه أعور وأهون على الله وأنه يضمحل أمره، وعظم أمره بجعل الخوارق بيده انتهى، وهكذا في المجمع، وزاد: أي عظم فتنته ورفع قدره، ثم وهن أمره وقدره وهونه، وقيل: أي رفع صوته وخفضه في اقتصاص أمره، أو خفض صوته بعد تعبه لكثرة التكلم فيه، ثم رفعه بعد الاستراحة ليبلغ كاملاً، انتهى. قال النووي: في معناه قولان، أحدهما أنه حقره وعظمه فمن تحقيره وهوانه على الله عوره، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: هو أهون على الله من ذلك وأنه لا يقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل، ثم يعجز عنه وأنه يضمحل أمره وأنه يقتل بعد ذلك هو وأتباعه، ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به هذه الأمور الخارقة للعادة، وأنه ما من نبي إلا وقد أنذر قومه. والوجه الثاني أنه خفض من صوته في حال كثرة ما تكلم فيه فخفض بعد طول الكلام والتعب ليستريح، ثم رفع ليبلغ صوته كل أحد بلاغًا كاملاً، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>