للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [فيما يتحدثونه إلخ] أي إن الناس (١) فهموا منه أن الساعة آتية لا محالة في هذه المائة.

قوله [يريد أن ينخرم ذلك القرن] هذا ما أراد بهذا الحديث عنده، وعليه أكثر العلماء، ويمكن أن يكون على عمومه، والذين لم يكونوا على ظهر الأرض حين ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم مستثنون عن ذلك كالخضر والجن والدجال (٢).


(١) قال الشيخ في البذل: (فوهل) أي غلط الناس (في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي في فهم مقالته تلك (فيما يتحدثون عن هذه الأحاديث) أي فيما بينهم (عن مائة سنة) كأنهم فهموا أن تقوم القيامة على رأس سنة، انتهى. وقريب منه ما في المجمع إذ قال: فوهل بفتح هاء ويجوز كسرها أي غلطوا أو ذهب وهمهم إلى خلاف الواقع في تأويله، فقيل تقوم الساعة عنده، وإنما مراده أنه لا يبقي أحد من الوجودين تلك الليلة، انتهى. وبنحوه فسر الحديث النووي، والظاهر عندي أن وهل بمعنى فزع، والمراد فيما يتحدثون أي في أحاديث الفتن، والمعنى فزعوا لما فهموا أن أحاديث الفتن كلها من خروج الدجال ونزول عيسى وخروج يأجوج ومأجوج ونحوها كلها تتم في مائة سنة فتأمل.
(٢) لفظة ما موصولة وضمير أراد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أي مراده صلى الله عليه وسلم كان انخرام القرن وإن بقى بعض منهم، قال النوي: قد احتج بهذه الأحاديث من شذ من المحدثين فقال: الخضر عليه السلام ميت، والجمهور على حياته ويتأولون هذه الأحاديث على أنه كان على البحر لا على الأرض، أو أنها عام مخصوص، انتهى. قال الأشرف: معناه ما تبقى نفس مولودة اليوم مائة سنة، أراد به موت الصحابة، وقال صلى الله عليه وسلم هذا على الغالب، وإلا فقد عاش بعض الصحابة أكثر من مائة سنة، انتهى. منهم أنس بن مالك وسلمان وغيرهما، والأظهر أن المعنى لا تعيش نفس مائة سنة بعد هذا القول كما يدل عليه الحديث الآتي، يعني حديث أبي سعيد رفعه لا يأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم، فلا حاجة إلى اعتبار الغالب، فلعل المولودين في ذلك الزمان انقرضوا قبل تمام المائة من زمان ورود الحديث، ومما يؤيد هذا المعنى استدلال المحققين وغيرهم على بطلان دعوى من ادعى الصحبة وزعم أنه من المعمرين إلى المائتين والزيادة، بقى أن الحديث يدل بظاهره على عدم حياة الخضر وإلياس، وقد قال البغوي: أربعة من الأنبياء في الحياة اثنان في الأرض: الخضر وإلياس، واثنان في السماء: عيسى وإدريس، فالحديث مخصوص بغيرهم، أو المراد ما من نفس منفوسة من أمتي والنبي صلى الله عليه وسلم لا يكون من أمته نبي آخر، وقيل: قيد الأرض يخرج الخضر وإلياس فإنهما كانا على البحر حينئذ كذا في المرقاة، ومال ابن قتيبة في تأويل الحديث إلى أن الحكم مختص بمن حضر في هذا المجلس، وسقط من الروايات لفظ ((منكم)).

<<  <  ج: ص:  >  >>