(٢) قال السيوطي في مرقاة الصعود: قال فضيل بن عياض: كنا نتعلم اجتناب السلطان كما نتعلم السورة من القرآن، رواه البيهقي في شعب الإيمان، والأحاديث والآثار في النهي عن مجيئ العلماء إلى السلطان كثيرة جمعتها في مؤلف يسمى ((ما رواه الأساطين في عدم المجيئ إلى السلاطين، انتهى. كذا في البذل، وقال الدمنتي في نفع القوت: افتتن ببناء فاعل ومفعول، قال ابن الخازن: سبب فتنته أنه يرى سعة الدنيا والخير هنالك فيحتقر نعمة الله عليه، وربما استخدمه، فلا يكاد يسلم في تصرفه من إثم بآجل أو عقوبة بعاجل، أو لأنه لا يمكنه إنكاره عليه بما يجب إنكاره، انتهى. (٣) قال العيني: بعد ما بسط الكلام على معنى الفتنة قال ابن بطال: فتنة الرجل في أهله أن يأتي من أجلهم ما لا يحل له من القول أو العمل مما لم يبلغ كبيرة، وقال المهلب: يريد ما يعرض له معهن من شر أو حزن أو شبهة وقوله: فتنة الرجل في ماله أن يأخذه من غير مأخذه، ويصرفه في غير مصرفه، أو التفريط بما يلزمه من حقوق المال، فتكثر عليه المحاسبة، وفتنة الرجل في ولده فرط محبتهم وشغله بهم عن كثير من الخير، أو التوغل في الاكتساب من أجلهم من غير اكتراث من أن يكون من حلال أو حرام، وفتنة الرجل في جاره أن يتمنى أن يكون حاله مثل حاله إن كان متسعًا، قال تعالى {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} انتهى. قلت: وعلى هذه المعاني لا يرد الإشكال الذي أفاده الشيخ، وأما على مختار الشيخ في معنى الفتنة فما يخطر في ذهني القاصر من الجمع بينهما أن يقال: إن مؤدي التفكير ومؤدي المحاسبة واحد فالمقدار الذي يسقط عند المحاسبة لأجل الصلاة والصوم يسمى مكفرة، وكذلك من الجانب الآخر من أن صلاته وصومه وغيرهما مقدار ما يكفر من العدوانات تحاسب والباقي من العدوانات يجازي به، والله غفور رحيم ورحمته سبقت عذابه، قال صاحب المجمع: أو فتنته فيهم لتفريط حقوقهم وتأديبهم فإنه راع لهم، فمنها ذنوب يحاسب عليهما ومنها يرجى تكفيرها بالحسنات، انتهى.