للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفتح الميم وكسر الشين. قوله [جزء من أجزاء النبوة] أي (١) خصلة من


(١) قال الحافظ: وقد استشكل كون الرؤيا جزءًا من النبوة مع أن النبوة انقطعت بموت النبي صلى الله عليه وسلم فقيل في الجواب: إن وقعت الرؤيا من النبي صلى الله عليه وسلم فهي جزء من أجزاء النبوة حقيقة، وإن وقعت من غير النبي فهي جزء من أجزاء النبوة على سبيل المجاز، وقال الخطابي قيل: معناه أن الرؤيا تجئ على موافقة النبوة لا أنها جزء باق من النبوة، وقيل: المعنى أنها جزء من علم النبوة، لأن النبوة وإن انقطعت فعلمها باق، وتعقب بقول مالك أنه سئل أيعبر بالرؤيا كل واحد؟ فقال: أبالنبوة يلعب، ثم قال: الرؤيا جزء من النبوة فلا يلعب بالنبوة، والجواب أنه لم يرد أنها نبوة باقية، وإنما أراد أنها لما أشبهت النبوة من جهة الاطلاع على بعض الغيب لا ينبغي أن يتكلم فيها بغير علم، وقال ابن بطال: كون الرؤيا جزءًا من النبوة مما يستعظم ولو كانت جزءًا من ألف جزء فيمكن أن يقال: إن لفظ النبوة مأخوذ من الأنباء، وهو الإعلام لغة، فالمعنى أن الرؤيا خبر صادق من الله لا كذب فيه، كما أن معنى النبوة نبأ صادق من الله لا يجوز عليه الكذب، فشابهت الرؤيا للنبوة في صدق الخبر، وقال المازري: يحتمل أن يراد بالنبوة في هذا الحديث الخبر بالغيب لا غير، وإن كان يتبع ذلك إنذار أو تبشير، فالخبر بالغيب أحد ثمرات النبوة، وهو غير مقصودة لذاته، وقال ابن العربي: أجزاء النبوة لا يعلم حقيقتها إلا ملك أو نبي، وإنما القدر الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة في الجملة، لأن فيه اطلاعًا على الغيب من وجه ما، وأما تفصيل النسبة فيختص بمعرفة درجة النبوة، وقال المازري: لا يلزم العالم أن يعرف كل شيء جملة وتفصيلاً فقد جعل الله للعالم حدًا يقف عنده، فمنه ما يعلم المراد به جملة وتفصيلاً، ومنه ما يعلمه جملة لا تفصيلاً، وهذا من هذا القبيل، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>