(٢) رويت الرواية بألفاظ مختلفة في كتب الروايات، ولفظ البخاري في ((باب القيد في المنام)) بسنده إلى عوف عن محمد بن سيرين أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، وما كان من النبوة فإنه لا يكذب، قال محمد: وأنا أقول هذه، قال: وكان يقال الرؤيا ثلاث: حديث النفس، وتخويف الشيطان، وبشرى من الله، فمن رأى شيئًا يكرهه فلا يقصه على أحد وليقم فليصل، قال: وكان يكره الغل في النوم وكان يعجبهم القيد، ويقال: القيد ثبات في الدين، ورواه قتادة ويونس وهشام وأبو هلال عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأدرجه بعضهم كله في الحديث، وحديث عوف أبين، وقال يونس: لا أحسبه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى. وبسط شراح البخاري سيما الحافظان ابن حجر والعيني في شرح كلام البخاري، وبسطًا في ذكر من وقف ووصل أجزاء الرواية، والاحتمالات الثلاثة التي ذكرها الشيخ حكاها الحافظ ابن حجر عن الطيبي وغيره، ثم بسط طرق الرواية وذكر في جملتها حديث الترمذي هذا، وقال: هذا ظاهر في أن الأحاديث كلها مرفوعة، وقال قال القرطبي: هذا الحديث وإن اختلف في رفعه ووقفه فإن معناه صحيح لأن القيد في الرجلين تثبيت للمقيد في مكانه، فإذا رآه من هو على حالة كان ذلك دليلاً على ثبوته على تلك الحالة، وأما كراهة الغل فلأن محله الأعناق نكالاً وعقوبة وقهرًا وإذلالاً، وقد يسحب على وجهه ويخر على قفاه فهو مذموم شرعًا وعادة، انتهى. فقد ورد في الآيات الكثيرة الأغلال في أعناق الكفار، قال القارئ: وفيه إيماء أيضًا على اختيار الخلوة وترك الجلوة كما هو شأن أرباب العزلة من ترك الخروج بالأقدام، وكره الغل لأنه صفة أهل النار، وأيضًا الرقبة مستثقلة بالذمة من حقوق الله وغيره، فهو تقييد للعنق بتحمل الدين أو المظالم، انتهى.