(٢) قال القارئ: قوله والله يغفر له جملة حالية دعائية وقعت اعتراضية مبينة أن الضعف الذي وجد في نزعه لما يقتضيه تغير الزمان وقلة الأعوان، غير راجعة إليه بنقيصة، وقال القاضي: لعل القليب إشارة إلى الدين الذي هو منبع ما به تحيا النفوس، ويتم أمر المعاش، ونزع الماء في ذلك إشارة إلى أن هذا الأمر ينتهي من الرسول إلى أبي بكر، ومنه إلى عمر، ونزع أبي بكر ذنوبًا أو ذنوبين إشارة إلى قصر مدة خلافته، وأن الأمر يكون بيده سنة أو سنتين، ثم ينتقل إلى عمر، وكان مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر، وضعفه فيه إشارة إلى ما كان في أيامه من الاضطراب والارتداد، أو إلى ما كان له من لين الجانب والمداراة مع الناس، ويدل عليه قوله غفر الله له، وهو اعتراض ذكره صلى الله عليه وسلم ليعلم أن ذلك موضوع ومغفور عنه غير قادح في منصبه، وقال النووي: قوله في نزعه ضعف ليس فيه حط لمنزلته، ولا إثبات فضيلة عمر عليه، إنما هو إخبار عن مدة ولايتهما، وكثرة انتفاع الناس في ولاية عمر لطولها واتساعها، وقوله والله يغفر له ليس فيه نقص، ولا إشارة إلى ذنب، إنما هي كلمة كان المسلمون يزينون بها كلامهم، وقد جاء في صحيح مسلم أنها كلمة كان المسلمون يقولونها، افعل كذا والله يغفر لك، انتهى. وقال الحافظ في الفتح: اتفق من شرح هذا الحديث على أن ذكر الذنوب إشارة إلى مدة خلافته، وفيه نظر، لأنه ولى سنتين وبعض سنة، فلو كان ذلك المراد لقال: ذنوبين أو ثلاثة، والذي يظهر لي أن ذلك إشارة إلى ما فتح في زمانه من الفتوح الكبار وهي ثلاثة، ولذلك لم يتعرض في ذكر عمر إلى ذكر ما نزعه من الدلاء، وإنما وصف نزعه بالعظمة إشارة إلى كثرة ما وقع في خلافته من الفتوحات، وقوله في نزعه ضعف أي على أنه على مهل ورفق، وقوله والله يغفر له قال النووي: هذا دعاء من المتكلم، أي لا مفهوم له، وقال غيره: إشارة إلى قرب وفاة أبي بكر، وهو نظير قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)} فإنها إشارة إلى قرب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون إشارة إلى أن قلة الفتوح في زمانه لا صنع له فيه لأن سببه قصر مدته، فمعنى المغفرة له رفع الملامة عنه، انتهى. والحديث ذكره البخاري في مناقب أبي بكر، ومال العيني إلى أن وجهه ذكره قبل عمر، وتقدمه عليه في النزع، قلت: أو لما أنه وقع له نظير ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من الإشارة بقرب الأجل كما تقدم، ففيه مناسبة تامة معه صلى الله عليه وسلم.