أحد أحدًا، ووجه الجمع أن المراد ههنا غيره صلى الله عليه وسلم، ويمكن الجمع بينهما بأن هذا قبل الإذن وذاك بعده. قوله [أول ما تطلبني] أوليته ليست بأولية الزمان وإلا لزم تقدم الصراط على الميزان والميزان على الحوض، والمصرح في الروايات خلافه (١)، بل المراد، التقدم بحسب الضرورة إليه صلى الله عليه وسلم وشدة الهول فكأن المراد أن أولى مراتب فحصك إياي وأشدها احتياجًا إلى هو
(١) فإن وقوفه صلى الله عليه وسلم على الحوض يكون قبل الميزان كما تدل عليه الروايات. منها ما تقدم قريبًا من حديث المرتدين على أعقابهم، وكذا الصراط يكون بعد الحساب والكتاب كلها، وحاصل الجواب أن الأولية والترتيب باعتبار شدة افتقاره إلى الشفاعة، فالمعنى أفقر أوقاتك للشفاعة والطلب الصراط، ثم الميزان، ثم الحوض، وقريب من كلام الشيخ ما حكى القاري عن الطيبي إذ قال تحت قوله فأين أطلبك: قال الطيبي: أي في أي موطن من المواطن التي أحتاج إلى شفاعتك أطلبك لتخلصني من تلك الورطة، فأجاب: على الصراط وعند الميزان والحوض، أي أفقر الأوقات إلى شفاعتي هذه المواطن، انتهى. والأوجه عندي في الجواب أن وقوفه صلى الله عليه وسلم في هذه المواضع يكون مرات لا سيما على الصراط، فيكون أولاً قبل الحساب والميزان وغيرهما كلها، كما يدل عليه أحاديث الشفاعة، فقد ذكر الحافظ تحت حديث أنس الطويل في الشفاعة قوله: فيأتوني فأستأذن ربي، وفي رواية النضر بن أنس عن أبيه حدثني نبي الله صلى الله عليه وسلم أني لقائم أنتظر أمتي تعبر الصراط إذا جاء عيسى فقال: يا محمد! هذه الأنبياء قد جاءتك يسألون لتدعو الله أن يفرق جمع الأمم الحديث: فأفادت هذه الرواية أنه عليه الصلاة والسلام يكون أول ما يكون عند الصراط ينتظر الأمة.